توصلت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية لندن الجامعية (UCL) وجامعة سيدني إلى أن النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع، وأظهرت أن ممارسة 5 دقائق يوميًا من التمارين والأنشطة البدنية البسيطة قد تؤدي إلى تحسينات ملحوظة في ضغط الدم. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Circulation العلمية التابعة لجمعية القلب الأمريكية (AHA) في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
دارسة تأثير ممارسة النشاط البدني يوميًا على ضغط الدم
قام الباحثون بتحليل بيانات صحية من 6 دراسات لحوالي 14761 مشاركًا من 5 دول لدراسة تأثير الحركة اليومية على ضغط الدم. ارتدى المشاركون أجهزة تعقب النشاط لقياس نشاطهم على مدار 24 ساعة، وتم قياس ضغط الدم لديهم. وصنّف الباحثون الأنشطة اليومية إلى 6 سلوكيات:
- النوم والخمول.
- السلوك المستقر أو الخامل (مثل الجلوس).
- المشي البطيء (بمعدل أقل من 100 خطوة في الدقيقة).
- المشي السريع (بمعدل أعلى من 100 خطوة في الدقيقة).
- الوقوف.
- الأنشطة الأكثر حيوية (مثل الركض أو ركوب الدراجة أو صعود الدرج).
وباستخدام هذه البيانات، صمم الباحثون نماذج لمعرفة تأثير استبدال أحد هذه السلوكيات بسلوك آخر لفترة زمنية معينة على ضغط الدم، وأشارت البيانات إلى أن متوسط النشاط اليومي للمشاركين على مدار 24 ساعة كان يتضمن:
- حوالي 7 ساعات من النوم.
- 10 ساعات من السلوك المستقر.
- 3 ساعات من الوقوف.
- ساعة واحدة من المشي البطيء.
- ساعة واحدة من المشي السريع.
- 16 دقيقة من الأنشطة الأكثر حيوية.
النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب
وجد الباحثون أن النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع من خلال ممارسة التمارين والأنشطة البدنية لمدة خمس دقائق يوميًا، إذ يخفض ضغط الدم الانقباضي (SBP) بمقدار 0.68 ملم زئبق وضغط الدم الانبساطي (DBP) بمقدار 0.54 ملم زئبق. ويعتقد بأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 2 ملم زئبق وضغط الدم الانبساطي بمقدار 1 ملم زئبق يمكن أن يقلِّلا من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 10%.
كما خلصت الدراسة إلى أن هذه التحسينات الصحية المفيدة سريريًا يمكن تحقيقها من خلال إضافة 20 دقيقة يوميًا من النشاط البدني لتخفيض ضغط الدم الانقباضي، و10 دقائق لتخفيض ضغط الدم الانبساطي. وتؤكد هذه النتائج على أهمية الأنشطة البدنية اليومية التي تزيد من معدل ضربات القلب، مثل ركوب الدراجة الهوائية أو صعود الدرج أو الركض لفترات قصيرة، في تحسين ضغط الدم.
النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع.. خطوات يومية بسيطة لصحة أفضل
أوضحت الدكتورة جو بلودجيت، المؤلفة الرئيسية للدراسة من كلية لندن الجامعية، أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تشير إلى أن النشاط البدني هو عامل أساسي في خفض ضغط الدم لدى معظم الناس. وأضافت أن الخبر الجيد هو أنه بغض النظر عن القدرة البدنية للشخص، فإن هذه الأنشطة لا تأخذ وقتًا طويلًا لتؤثر بشكل إيجابي على ضغط الدم.
وأشارت إلى أن ما يُميِّز مفهوم الأنشطة البدنية في الدراسة، أنه يشمل جميع الأنشطة المشابهة للتمارين الرياضية، مثل صعود الدرج أو ركوب الدراجة، التي يمكن دمجها بسهولة في روتين الحياة اليومي. وبالنسبة للأشخاص الذين لا يمارسون الكثير من التمارين الرياضية، فإن للمشي بعض الفوائد على ضغط الدم، ولكنه أقل تأثيرًا مقارنة بالأنشطة التي تتطلب مجهودًا أكبر من نظام القلب والأوعية الدموية. لذلك، إذا كان الهدف هو تحسين ضغط الدم، فإن زيادة النشاط البدني هو الخيار الأمثل.
النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع.. حسِّن صحتك في خمس دقائق يوميًا
يؤثر ضغط الدم المرتفع على 1.28 مليار شخص بالغ حول العالم، وهو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة المبكرة. قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى السكتة الدماغية، والنوبات القلبية، وفشل القلب، وتلف الكلى، والعديد من المشكلات الصحية الأخرى، ويُطلق عليه اسم "القاتل الصامت"، وذلك لأنه لا يترافق عادة مع أعراض واضحة.
وصرَّح البروفيسور إيمانويل ستاماتاكيس، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة من جامعة سيدني، بأن ارتفاع ضغط الدم هو أحد أكبر المشكلات الصحية على الصعيد العالمي، لكنه أشار إلى وجود حلول بسيطة نسبيًا بجانب العلاج الدوائي لمواجهة هذه المشكلة. وأضاف: "أظهرت النتائج أن ممارسة 5 دقائق إضافية من التمارين الرياضية أو الأنشطة الأكثر حيوية يوميًا، يمكن أن تخفض ضغط الدم بشكل ملحوظ، مما يؤكد على أهمية القيام بنوبات قصيرة من الأنشطة الأكثر حيوية لمعالجة ارتفاع ضغط الدم".
ومن جانبه، أشار البروفيسور مارك هامر، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة من كلية لندن الجامعية، إلى أن النشاط البدني يمكن أن يخفض ضغط الدم المرتفع، وأوضح أن معظم الدراسات السابقة في هذا المجال اعتمدت على برامج تدريبية مكثفة خاضعة للرقابة أو محددة.
وأضاف قائلًا: "المشكلة في هذه الأنواع من الدراسات، رغم أنها تعمل على خفض ضغط الدم، هو أن الأشخاص غالبًا ما يعودون إلى عاداتهم الخاملة بعد انتهاء البرنامج. وما يميز دراستنا هو أنها تعتمد على النشاط البدني اليومي الطبيعي، مما يجعل فوائده أكثر استدامة على المدى الطويل".