صحــــتك

النرجسية والاستبعاد الاجتماعي.. هل من علاقة بينهما؟

إعداد وتحرير
النرجسية والاستبعاد الاجتماعي
هل توجد علاقة بين النرجسية والاستبعاد الاجتماعي ؟

كشفت دراسة حديثة نَشرتها الجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association) عن وجود علاقة بين النرجسية والاستبعاد الاجتماعي وأظهرت أن النرجسيين يشعرون بالنَبذ أو الاستبعاد الاجتماعي أكثر من غيرهم. وقد يكون هذا الشعور ليس فقط لأن الناس يتجنَّبون التعامل مع النرجسيين بسبب شخصيتهم، ولكن أيضًا لأنهم يسيئون فهم الإشارات الاجتماعية الغامضة أو غير الواضحة أثناء التفاعلات الاجتماعية، ويفسرونها على أنها استبعاد. نُشرت هذه الدراسة في مجلة علم النفس الشخصي والاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology).

النرجسية والاستبعاد الاجتماعي.. من الشعور بالعظَمة إلى الشعور بالنَّبذ

أوضحت الدكتورة كريستيان بوتنر، الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة بازل في سويسرا: "الشعور بالنَبذ هو تجربة شخصية ذاتية تعتمد على كيفية تفسير الإشارات الاجتماعية. أحيانًا يكون النبذ حقيقيًا ومتعمدًا، بينما في بعض الأحيان قد يشعر الأشخاص بذلك رغم أنه غير صحيح. وتشير نتائجنا إلى أن الأشخاص الأكثر النرجسية يكونون أكثر حساسية لإشارات الاستبعاد، مما يجعلهم يشعرون بالنبذ ​​بشكل متكرر".

النرجسيَّة (Narcissism) هي أحد الاضطرابات الشخصية التي تؤثّر على الصحة العقلية لتجعل الشخص يشعر بالعظَمة أو تضخيم الذات، والحاجة الشديدة للحصول على الإعجاب والاهتمام والتقدير. توجد أنواع متعددة للنرجسية، وفي هذه الدراسة ركّز الباحثون على النرجسية العُظمى (Grandiose Narcissism) التي تتميَّز بصفات ظاهرة وواضحة مثل الشعور بالاستحقاق، وحبّ السيطرة، والرغبة الشديدة في الحصول على الإعجاب والتقدير، والسعي المستمر وراء المكانة الاجتماعية.

النرجسية والاستبعاد الاجتماعي.. النرجسيون يشعرون بأنهم مستبعدون أكثر من غيرهم

في البداية، حلَّل الباحثون بيانات من مجموعة البيانات الاجتماعية والاقتصادية الألمانية (German Socio-Economic Panel) التي تشمل حوالي 22000 أسرة في ألمانيا. ركّز الباحثون في الدراسة على 1592 شخصًا أجابوا عام 2015 على أسئلة حول النرجسية والنبذ الاجتماعي، وأظهرت البيانات أن الأشخاص الأكثر النرجسية كانوا يشعرون بالنبذ بشكل متكرر أكثر من غيرهم.

وللتأكد من هذه النتائج، أجرى الباحثون دراسة لمدة أسبوعين شارك فيها 323 شخصًا أجروا اختبارات نفسية لقياس مستوى النرجسية في شخصياتهم، وأبلَغوا عن مشاعرهم السابقة بالنبذ. وفي الأسبوعين التاليين، كان المشاركون يسجّلون عبر تطبيق على هواتفهم اللحظات التي شعروا فيها بأنه تم تجاهلهم أو استبعادهم. وأظهرت النتائج أن المشاركين الذي حصلوا على درجات أعلى في اختبار النرجسية كانوا يشعرون بالاستبعاد بشكل متكرر في حياتهم اليومية أكثر من غيرهم، وهو ما يؤكد النتائج التي توصلت إليها الدراسة السابقة.

كما أجرى الباحثون مجموعة من التجارب شملت أكثر من 2500 مشارك بهدف فهم العلاقة بين النرجسية والشعور بالإقصاء بشكل أعمق. في إحدى التجارب، شارك هؤلاء الأشخاص في لعبة افتراضية لرمي الكرة يتبادلون فيها الكرة مع لاعبَين آخرين، وكان اللاعبان إما يرميان الكرة للمشارك أو يتجاهلانه. وفي تجربة أخرى عُرضت على المشاركين سيناريوهات اجتماعية افتراضية، وطُلب منهم تقييم مدى شعورهم بالإقصاء.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص النرجسيين غالبًا ما يفسِّرون التفاعلات الاجتماعية غير الواضحة، التي لا يكون فيها الاستبعاد واضحًا، على أنها نوع من الاستبعاد. كما أظهرت تجارب أخرى أن الناس غالبًا ما يفضلون تجنُّب التعامل مع الأشخاص الذين لديهم صفات نرجسية قوية أو واضحة، وهو ما عزَّز هذا الشعور بالاستبعاد الاجتماعي لدى النرجسيين.

 

العلاقة مع شخص نرجسي وكيف تؤثر عليك

 

العلاقة بين النرجسية والاستبعاد الاجتماعي ثنائية الاتجاه

من المثير للاهتمام أن الباحثين كشفوا أيضًا عن وجود علاقة متبادلة بين النرجسية والاستبعاد الاجتماعي. وأوضحت الدكتورة بوتنر أن النرجسية قد تكون سببًا لاستبعاد الشخص اجتماعيًا، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي هذا الاستبعاد إلى زيادة صفاته النرجسية.

أظهر تحليل بيانات من دراسة وطنية في نيوزيلندا استمرت لمدة 14 عامًا شملت أكثر من 72000 مشارك أن التغيُّرات في مشاعر الاستبعاد كانت تتبعها تغيُّرات في مستويات النرجسية بعد عام، كما أن التغيُّرات في مستويات النرجسية كانت تتبعها تغيُّرات في مشاعر الاستبعاد. وأوضحت الدكتورة بوتنر أن هذه النتائج تسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين السمات الشخصية والتجارب الاجتماعية، وقد يساعد فهم هذه العلاقة في التعامل بشكل أفضل مع النزاعات في أماكن العمل، والعزلة الاجتماعية، وقضايا المجتمع.

وأضافت: "إذا كان الأشخاص الذين لديهم سمات نرجسية قوية غالبًا ما يشعرون بأنهم مستبعَدون، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد التوترات في أماكن العمل أو المجموعات الاجتماعية. وفي الوقت نفسه، قد تدفعهم حساسيتهم المُفرطة للاستبعاد إلى ردة فعل عدائية. وتشير هذه النتائج إلى أن التدخلات التي تهدف إلى تحسين العلاقات الشخصية والحد من الاحتكاك الاجتماعي، يجب أن تأخذ في الاعتبار كيفية تفسير الأشخاص للمواقف وتصرفاتهم تجاهه".

آخر تعديل بتاريخ
17 أبريل 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.