وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة شرق أنجليا وجامعة أكسفورد في بريطانيا وجامعة إدنبرة في إسكتلندا وجامعة ماساتشوستس أمهيرست في الولايات المتحدة طريقة واعدة ومُربحة يمكن أن تزيد من نجاح المدخنين في الإقلاع عن التدخين نهائيًا، حتى أثناء الحمل. أظهرت هذه المراجعة أن المكافآت والحوافز المالية، بما في ذلك المبالغ النقدية والقسائم الشرائية والودائع المالية، هي وسائل ناجحة لمساعدة المدخنين في الإقلاع عن التدخين. وللمرة الأولى، وجد الباحثون أدلة قاطعة تؤكد فاعلية هذه الطريقة أيضًا مع النساء الحوامل. نُشرت هذه المراجعة في مكتبة كوكرين (Cochrane Library) في 13 كانون الثاني/يناير 2025.
الحاجة إلى إيجاد طرق آمنة وفعّالة تساعد الحوامل في الإقلاع عن التدخين
أشارت الدكتورة جيمي هارتمان بويس، المؤلفة الرئيسية للدراسة والأستاذة المساعدة في كلية الصحة العامة وعلوم الصحة في جامعة ماساتشوستس أمهرست في الولايات المتحدة، إلى أنه عندما حدَّثوا هذه المراجعة، وجدوا المزيد من الدراسات حول تأثير تقديم الحوافز المالية إلى النساء الحوامل على سلوكهنَّ تجاه التدخين، وتوصلوا هذه المرة إلى أدلة قاطعة تؤكد أن الحوافز المالية تساعد الحوامل في الإقلاع عن التدخين والبقاء ممتنعات عنه.
وأضافت: "نحن نعلم أن التدخين أثناء الحمل مضر للغاية بصحة الأم وجنينها، ونعلم أيضًا أن النساء الحوامل أكثر حذرًا بشأن استخدام العديد من العلاجات الدوائية المُعتمدة للإقلاع عن التدخين، وهذا ما دفعَنا إلى البحث عن طرق أخرى لمساعدتهنَّ على الإقلاع عن التدخين".
المكافآت المالية تزيد معدلات الإقلاع عن التدخين
شمَلت المراجعة الأخيرة 47 دراسة، من بينها 14 دراسة جديدة، من الولايات المتحدة وأوروبا وجنوب شرق آسيا وهونغ كونغ وجنوب إفريقيا، شارك فيها حوالي 22000 شخص. ووجد الباحثون أدلة قاطعة على أن الحوافز المالية تزيد معدلات الإقلاع عن التدخين على المدى الطويل، حتى بعد التوقف عن تقديم هذه الحوافز.
وفي تحليل منفصل، حلَّل الباحثون 13 دراسة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا شملت 3942 امرأة حاملًا، وأظهرت النتائج أنه من بين كل 100 امرأة حامل ممن حصلنَ على حوافز مالية، أقلعت 13 منهنَّ عن التدخين بعد 6 أشهر أو أكثر، بينما أقلعت 6 نساء فقط من كل 100 امرأة حامل ممن لم يحصلنَ على أي حوافز مالية.
تفاوتت قيمة المبالغ المالية التي قُدِّمت للمشاركات، إما نقدًا أو عبر قسائم، بشكل كبير في الدراسات التي تم تحليلها، وتراوحت بين صفر إلى ما بين 45 و1185 دولارًا. ومع ذلك، لم يجد الباحثون علاقة بين قيمة المبالغ المالية التي يتم تقديمها ومعدل الإقلاع عن التدخين.
برامج التحفيز المالي تعزز نجاح الإقلاع عن التدخين
قالت الدكتورة كيتلين نوتلي، المؤلفة الرئيسية للدراسة من جامعة شرق أنجليا: "التدخين هو السبب الرئيسي الذي يمكن تجنبه للإصابة بالأمراض والوفاة المبكرة في العالم، والإقلاع عنه ضروري للعيش بصحة جيدة لفترة أطول. نحن الآن على ثقة كبيرة بأن الحوافز تساعد المدخنين، بمن فيهم النساء الحوامل، في الإقلاع عن التدخين أكثر من عدم تقديمها".
ومن جانبها، أشارت الدكتورة هارتمان-بويس إلى أن الكثيرين يرفضون فكرة تقديم المال للأشخاص الذين يتعاطون مواد الإدمان، ولكن سيكون من مصلحة الجميع إذا تمكن المزيد من الناس من الإقلاع عن التدخين. كما أشارت إلى أن كاليفورنيا أصبحت الولاية الأولى التي تقدم حوافز مالية في هذا المجال، مثل بطاقات هدايا ذات قيمة قليلة، عبر برنامج الضمان الصحي (Medicaid) للأشخاص الذين يقلعون عن تعاطي المنبِّهات مثل الميثامفيتامين والكوكايين.
يُعتبر برنامج الحوافز هذا، المعروف أيضًا باسم إدارة الطوارئ، الأسلوب الأمثل المستند على الأدلة لعلاج اضطراب تعاطي المنبهات، وبعد أن حصلت ولاية كاليفورنيا على موافقة فيدرالية في عام 2021 لتمويل هذا البرنامج، تبعتها 14 ولاية أخرى.
هل المال هو الدافع الوحيد للإقلاع عن التدخين؟
أوضحت الدكتورة هارتمان-بويس أن هناك اعتقادًا خاطئًا شائعًا بأن المدخنين قادرون على الإقلاع عن التدخين، ولكنهم لا يفعلون ذلك لأنهم لا يحصلون على حوافز مالية، ولكن في الواقع، تُشير العديد من الأدلة إلى أن هذه الحوافز تؤثر على نظام المكافأة في الدماغ المرتبط بإدمان النيكوتين.
لذا، لا يمكن القول إن المدخنين كانوا قادرين على الإقلاع عن التدخين في أي وقت ولكنهم لم يقرروا القيام بذلك حتى حصلوا على مقابل مادي، فالعديد من المشاركين في هذه الدراسات حاولوا الإقلاع عن التدخين مرارًا وتكرارًا، وكانوا يرغبون بشدة في ذلك، ولكنهم لم يتمكنوا من القيام بذلك، وهذه الحوافز المالية هي التي ساعدتهم في النهاية على تحقيق ذلك.