أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة موناش الأسترالية، أن إعطاء المضادات الحيوية للأطفال في مراحل مبكرة من العمر قد يؤدي إلى زيادة خطر إصابتهم بمرض الربو على المدى الطويل في مرحلة لاحقة من حياتهم. يؤثر مرض الربو على أكثر من 260 مليون شخص حول العالم، ويسبب حوالي 455000 حالة وفاة سنويًا، وفي هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة Immunity في 15 تموز/يوليو 2024، نجح فريق البحث في عزل جُزيء تُنتجه بكتيريا الأمعاء يمكن تجربته في المستقبل كعلاج بسيط على شكل مكمل غذائي للأطفال المعرَّضين لخطر الإصابة بالربو لوقايتهم من الإصابة بالمرض في مرحلة لاحقة من حياتهم.
المضادات الحيوية للأطفال والربو
اكتشف باحثون من جامعة موناش في أستراليا بقيادة البروفيسور بن مارسيلاند جزيئًا يسمى IPA، ويلعب هذا الجزيء دورًا مهمًا للغاية في الحماية الطويلة الأمد من الربو. أشار البروفيسور مارسيلاند إلى أن اكتشاف هذا الجزيء الذي تُنتجه البكتيريا في الأمعاء السليمة يُسهم في تقديم تفسير لسبب زيادة الإصابة بالربو بسبب استخدام المضادات الحيوية بشكل متكرر.
وأضاف البروفيسور قائلًا: "نعلم أن الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية في مرحلة مبكرة من الحياة يؤثر سلبًا على ميكروبات الأمعاء الصحية، ويزيد من خطر الإصابة بالحساسية والربو، واكتشفنا أن علاج المضادات الحيوية يسبب نقصًا في نوع معين من البكتيريا المفيدة في الأمعاء التي تنتج جزيء IPA، وبالتالي يسبب نقصًا في جزيء رئيسي لديه القدرة على الوقاية من الربو".
المضادات الحيوية للأطفال قد تؤثر على بكتيريا الأمعاء
أكد البروفيسور مارسيلاند على أن السنوات الأولى من حياة الانسان هي فترة مهمة لتكوين ميكروبات مستقرة في الأمعاء، وأوضح قائلًا: "تتشكل هذه البكتيريا أولاً من خلال تناول الطعام، سواءً الحليب أو الأطعمة الصلبة، بالإضافة إلى العوامل الوراثية والبيئية. وقد تبيَّن أن الأطفال الرضع المعرَّضين لخطر مرتفع للإصابة بالحساسية والربو يعانون من اضطراب وتأخر في نضوج ميكروبيوم الأمعاء".
وتابع قائلًا: "قد يؤدي استخدام المضادات الحيوية في السنة الأولى من الحياة إلى تأثير غير مقصود يتمثل في تقليل البكتيريا المفيدة لصحة الجسم، ونعلم الآن من خلال هذه الدراسة أن المضادات الحيوية تؤدي إلى انخفاض كميات جزيء IPA الذي وجدنا أنه مهم جدًا في المراحل المبكرة من الحياة أثناء نمو خلايا الرئة، ما يجعله مرشحًا للوقاية المبكرة من التهاب الشعب الهوائية التحسسي".
أهمية جزيء IPA في الوقاية من الربو بعد إعطاء المضادات الحيوية للأطفال
ومن خلال الاختبارات التي أجريت على الفئران المعرَّضة للإصابة بالربو، وجد الباحثون أنه عند إعطائها المضادات الحيوية في مرحلة مبكرة من حياتها، تصبح أكثر عرضة للإصابة بالتهاب القصبات الهوائية التحسسي الناجم عن عثّ الغبار المنزلي، واستمر هذا التأثير حتى مرحلة البلوغ، ومن الجدير بالذكر أن عثّ الغبار المنزلي معروف بأنه أحد المسببات الشائعة للحساسية وللربو.
واستمر هذا الاستعداد للإصابة بمرض الربو على المدى الطويل، حتى بعد عودة ميكروبيوم الأمعاء وكميات جزيء IPA إلى وضعها الطبيعي، ما يسلط الضوء على أهمية دور هذا الجزيء بشكل خاص في المراحل المبكرة من الحياة. وعندما تم تزويد هذه الفئران بنظام غذائي يحتوي على جزيء IPA في مرحلة مبكرة من حياتها، وجد الباحثون أنها شُفيت من حدوث مرض التهاب القصبات الهوائية التحسسي الناجم عن عثّ الغبار المنزلي، وبالتالي من احتمال الإصابة بالربو في مرحلة البلوغ.