في السنوات الأخيرة، أصبح استهلاك الكحوليات بين المراهقين والشباب ظاهرة متزايدة تُثير قلق المجتمع والأوساط الطبية، فهذه الفئات العمرية هي الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية للكحول بسبب حساسية أعضائهم الحيوية، وعدم اكتمال نمو أجهزتهم الجسدية والعصبية. في هذا السياق، كشفت دراسة حديثة عن ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول لدى المراهقين والشباب في كندا، ونُشرت الدراسة والتي كانت بعنوان "التهاب البنكرياس وأمراض الكبد المرتبطة بالكحول لدى المراهقين والشباب" في مجلة جاما الطبية (JAMA Network Open) في 27 شباط/فبراير 2025.
ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول لدى المراهقين الشباب في كندا
أجرى باحثون من مركز كينغستون للعلوم الصحية وجامعة كوينز في أونتاريو في كندا تحليلًا لاتِّجاهات تَلَف الأعضاء الناجم عن استهلاك الكحول بين المراهقين والشباب، وكشفوا عن ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول خلال العقدَين الماضيَين. كما وجدوا ارتفاعًا في معدلات الإصابة بالتهاب البنكرياس المرتبط بالكحول وبأمراض الكبد المرتبطة بالكحول، وكانت هذه المعدلات أعلى بين الإناث مقارنة بالذكور.
استهلاك الكحول هو من أبرز المشكلات الصحية العامة، فهو يُسهم في حوالي 13.5% من حالات الوفاة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و39 عامًا في العالم. ورغم وجود دراسات سابقة تُشير إلى أن معدلات الإصابة بأمراض الكبد المرتبطة بالكحول (ALD) تشهد تزايدًا ملحوظًا خاصة بين الفئات العمرية الشابة، فإن البيانات المتعلقة بتأثير الكحول على أعضاء أخرى من الجسم ما تزال محدودة، ممّا يترك فجوات في فهم أضرار استهلاك الكحوليات على هذه الفئات العمرية الأصغر سنًا.
دراسة تُظهر ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول في الفئة العمرية الشابة
هذه الدراسة هي من أوائل الدراسات التي تناولت اتجاهات تلَف الأعضاء الناجم عن استهلاك الكحول بين المراهقين والشباب بشكل منهجي. استخدم الباحثون بيانات الرعاية الصحية الإدارية من قاعدة بيانات ICES في مقاطعة أونتاريو لتقييم تلف الأعضاء المرتبط بالكحول، وتم تحديد 11508 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 13 و39 عامًا في الفترة بين عامَي 2003 و2021 أدى استهلاكهم للكحوليات إلى تلف في الأعضاء التالية:
- البنكرياس.
- الكبد.
- المعدة.
- القلب.
- الجهاز العصبي.
بلغت نسبة الذكور 64% من الحالات، بمتوسط عمر 28 عامًا. وأظهرت النتائج أن مضاعفات البنكرياس كانت الأكثر شيوعًا، إذ شكّلت 29% من الحالات، تلتها مضاعفات الكبد بنسبة 19%. وشكّل التهاب البنكرياس الحاد (Acute pancreatitis) 92% من إجمالي حالات البنكرياس.
وكانت معظم الحالات المرتبطة بالبنكرياس من الذكور ومن الذين يعيشون في مناطق حضرية، وقد احتاجوا إلى دخول المستشفى لتلقي الرعاية الطبية. كما أظهرت النتائج أن معدلات الإصابة السنوية بالأضرار العضوية المرتبطة بتعاطي الكحوليات قد ارتفعت في أجهزة عدة في الجسم، وكانت كالآتي:
- زادت حالات التهاب البنكرياس المرتبط باستهلاك الكحول بنسبة 7% سنويًا لدى الذكور وبنسبة 12% لدى الإناث.
- زادت مضاعفات الكبد المرتبطة باستهلاك الكحول بنسبة 6% سنويًا لدى الذكور وبنسبة 9% لدى الإناث.
- أما بالنسبة للمضاعفات في الأعضاء الأخرى، مثل المعدة والقلب والجهاز العصبي، فقد زادت بنسبة 2% سنويًا لدى الإناث بينما انخفضت بنسبة 1% لدى الذكور.
تُشير هذه النتائج إلى تزايد حالات مضاعفات الكحول العضوية بشكل كبير بين الفئات الشابة، لا سيّما لدى الإناث، وعلى الرغم من عدم وضوح الأسباب الدقيقة لهذا التفاوت في المعدلات بين الجنسَين، يُرجِّح الباحثون أن ذلك قد يكون بسبب مجموعة من العوامل المحتملة مثل:
- وجود اختلافات بيولوجية في الاستجابة للكحول.
- فروقات في أنماط الاستهلاك.
- طرق التشخيص المختلفة.
ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول.. كيف تُقلع عن الشُرب؟
في ظل ارتفاع معدلات تلف الأعضاء بسبب الكحول يجدر الذكر أن استهلاك الكحوليات يُؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية والأمراض، بما في ذلك السكتات الدماغية وأمراض القلب والكبد والبنكرياس والسرطان. قد يكون الإقلاع عن شُرب الكحوليات تحديًا كبيرًا، ولكن التغيُّرات الصغيرة قد تُحدِث تأثيرات كبيرة، إليك مجموعة من الخطوات التي تساعدك على ذلك:
- راقب نفسك وضع خطة واضحة.
- تجنب العوامل التي تحفزك على الشراب مثل الأماكن والأشخاص.
- اطلب الدعم من عائلتك وأصدقائك.
- انضم إلى مجموعات دعم ومساندة محلية أو عبر الإنترنت.
- اطلب المساعدة الطبية من طبيب نفسي أو أخصائي إدمان.