أظهرت دراسات سابقة أن بعض التغييرات في نمط الحياة يمكن أن تساعد في تقليل خطر إصابة الشخص باضطراب الاكتئاب، بما في ذلك بعض الأطعمة مثل زيت الزيتون والمكسرات، وحددت دراسة جديدة نُشرت في مجلة (Microbiome) وجود علاقة بين الفاكهة الحمضية والاكتئاب فقد وجدت أن البرتقال غذاء آخر قد يسهم في الحد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
الفاكهة الحمضية والاكتئاب .. ما العلاقة بينهما؟
قام الباحثون في هذه الدراسة بتحليل بيانات أكثر من 32,000 امرأة في منتصف العمر شاركنَ في دراسة صحة الممرضات الثانية، حيث أُرسلت بين عامي 2003 و2017 استبيانات دورية إلى المشاركات في الدراسة لسؤالهنّ عن نظامهنّ الغذائي وحالة الاكتئاب، باستخدام نتائج تسلسل الحمض النووي من عينات البراز التي تم جمعها من قبل المشاركات، وجد الباحثون علاقة بين تناول الحمضيات ووفرة 15 نوعًا من البكتيريا المفيدة في ميكروبيوم الأمعاء، بما في ذلك بكتيريا تسمى (Faecalibacterium prausnitzii).
أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه البكتيريا مفيدة للجسم لأنها تساعد على خفض الالتهاب ودعم الجهاز المناعي، كما أنها قد تساعد أيضاً في علاج أمراض الجهاز الهضمي مثل مرض القولون العصبي، وكذلك السمنة، وحتى مرض السكري من النوع الثاني، وفقاً لبعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات.
نتائج الدراسة
وجد الباحثون في الدراسة انخفاض بكتيريا (Faecalibacterium prausnitzii) في ميكروبيوم المشاركين في الدراسة المصابين بالاكتئاب. فيما يتعلق بالعلاقة بين الفاكهة الحمضية والاكتئاب قال الباحثون إنهم وجدوا أن تناول برتقالة متوسطة الحجم يوميًا قد يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 20% تقريبًا، ويبدو أن هذا التأثير خاص بالحمضيات، فعند النظر إلى إجمالي استهلاك الناس من الفاكهة أو الخضراوات، أو إلى فواكه أخرى مثل التفاح أو الموز، لا تظهر أي علاقة بين تناولها وخطر الإصابة بالاكتئاب.
تحقق العلماء من صحة النتائج التي توصلوا إليها عند الرجال مع المشاركين في دراسة التحقق من صحة نمط حياة الرجال التي أظهرت أيضًا انخفاضًا في بكتيريا (Faecalibacterium prausnitzii) المرتبط بالاكتئاب، ولهذا يعتقد الباحثون أن هذه البكتيريا قد تساعد في علاج الاكتئاب من خلال التأثير على مستويات الناقلات العصبية وتحديدا السيروتونين والدوبامين عبر مسار استقلابي يسمى مسار (S-adenosyl-L-methionine cycle I)، إذ يلعب هذا المسار دورًا كبيرًا في إنتاج الناقلات العصبية.
المزيد من الأدلة التي تدعم مقولة "أنت ما تأكله"
تدعم نتائج هذه الدراسة التي أظهرت وجود علاقة بين الفاكهة الحمضية والاكتئاب نتائج دراسات سابقة تبين وجود روابط مثيرة للاهتمام بين ميكروبيوم الأمعاء وصحة الدماغ والمزاج، إذ يمكن أن يحفز استهلاك الفواكه الحمضية نمو أنواع معينة من البكتيريا في أمعاء الإنسان قد تؤثر على إنتاج الناقلات العصبية في الدماغ التي يمكن أن تحسن المزاج. تقدم هذه الدراسة تفسيرًا محتملًا لكيفية أن تناول البرتقال قد يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب في المستقبل.
يصيب الاكتئاب السريري الذي يعرقل أداء الشخص لوظائفه ما يقدر بـ 15% من الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم، ويُعد العلاج النفسي والأدوية المضادة للاكتئاب والعلاجات الأخرى فعالة ولكنها مكلفة وليست في متناول الجميع، ولهذا قد يكون لاستراتيجيات الوقاية الناجحة تأثير مهم على الصحة العامة، لأن الاكتئاب غير المعالَج أو غير المعالَج بشكل كافٍ يزيد من خطر وفاة الشخص، ليس فقط بسبب الانتحار ولكن من الأمراض المصاحبة الطبية.
الأشخاص الأكثر استهلاكًا للفاكهة الطازجة هم أيضًا أكثر عرضة لممارسة الرياضة بانتظام والانخراط في عادات حياتية صحية أخرى من شأنها أن تقلل من خطر الاكتئاب، وستكون هناك حاجة إلى إجراء تجربة سريرية عشوائية مضبوطة لتأكيد وجود علاقة سببية بين الفاكهة الحمضية والاكتئاب.
نصيحة من موقع صحتك
بيّنت العديد من الدراسات الحديثة أن الميكروبيوم ينظم العديد من جوانب الجسم، من الجهاز المناعي إلى الدماغ، ولذلك لم يكن من المستغرب على الإطلاق أن غياب نوع معين من البكتيريا المفيدة أو زيادة نوع آخر ربما يسهم في تنظيم وظائف الدماغ والاكتئاب وغيرها من المشاكل النفسية والعصبية. ومن الواضح أن فهم هذه العلاقة واستغلالها بالشكل الصحيح يمنعنا من الاضطرار إلى استخدام الأدوية المختلفة لعلاج أو منع هذه الأمراض، ولهذا تبرز أهمية الغذاء الصحي المتوازن مع مرور الوقت ومع إجراء المزيد من الدراسات، ولهذا احرص على اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن كي تحظى بميكروبيوم صحي ومتنوع، وتقي نفسك من العديد من المشكلات الصحية المحتملة.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
