تضيف بيانات من دراسة حديثة أجريت من قبل من باحثين في كلية دورنزايف للصحة العامة بجامعة دريكسيل الأمريكية إلى فهمنا للفوائد الصحية للعيش بالقرب من المساحات الخضراء، مع الأخذ في الحسبان العوامل الأخرى التي قد تؤثّر على هذه الصلة، مثل التعليم والدخل ومؤشر كتلة الجسم. أظهرت الدراسة أن العيش بالقرب من الأشجار يحسن صحة الرضع ونشرت نتائج الدراسة في مجلة (Science of The Total Environment) بتاريخ 23 أبريل 2025.
كيف أجريت الدراسة؟
توصل الباحثون إلى نتيجة أن العيش بالقرب من الأشجار يحسن صحة الرضع من خلال استخدام مجموعة بيانات فريدة من نوعها، فقد زُرعت أكثر من 36,000 شجرة بين عامي 1990 و2020 في بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية من قِبل مجموعة أصدقاء الأشجار، وقاس الباحثون عدد الأشجار الجديدة المزروعة في نطاق 100 متر من عنوان الأم خلال السنوات العشر الأولى بعد ولادة طفلها، وذلك باستخدام بيانات المواليد من 1 يناير 2015 إلى 31 ديسمبر 2020 من هيئة الصحة في أوريغون، والغطاء الشجري الموجود وتغطية الطرق في تلك المنطقة.
العيش بالقرب من الأشجار يحسن صحة الرضع
كانت أبرز نتائج هذه الدراسة هي أن العيش بالقرب من الأشجار يحسن صحة الرضع. فبعد ضبط الباحثين للعوامل التي قد تؤثّر على وزن المواليد، مثل عِرق الأم، وما إذا كانت حاملاً لأول مرة، ومؤشر كتلة الجسم لدى الأم ومستوى التعليم، وجَد الباحثون صلة بين عدد الأشجار المزروعة وارتفاع وزن المواليد. بالإضافة إلى ذلك، ارتبطت زراعة الأشجار القريبة، بما في ذلك الأشجار الجديدة والقائمة، بثلاثة مقاييس رئيسية لصحة المواليد الجدد هي:
- ارتفاع وزن المولود عند الولادة.
- انخفاض خطر صغر حجم المولود بالنسبة لعمره.
- انخفاض خطر الولادة قبل الموعد.
على سبيل المثال، ارتبطت كل شجرة مزروعة على بعد 100 متر من منزل الأم بنحو 10 سنوات قبل ولادة الطفل بزيادة ذات دلالة إحصائية كبيرة في وزن المولود بمقدار 2.3 غرام، وعلى عكس الدراسات السابقة التي درست أيضًا في المساحات الخضراء والحمل، تحكّمت الدراسة الحالية في التغطية الشجرية الموجودة للتركيز على الدور الذي قد تلعبه الأشجار المزروعة حديثًا في صحة المواليد الجدد.
قال القائمون على الدراسة إنه على الرغم من وجود فائدة من الأشجار الموجودة أصلاً، فإنهم وجدوا أن الأشجار المزروعة حديثًا ترتبط أيضًا بالوزن الصحي عند الولادة، وأن هذه نقطة بيانات أخرى تُظهر أن زراعة الأشجار هي طريقة سهلة نسبيًا ومنخفضة التكلفة لتحسين الصحة العامة منذ المراحل الأولى من الحياة، وارتبط العيش على بعد 100 متر من 10 أشجار على الأقل بزيادة وزن المواليد بحوالي 50 غرامًا، ووجد الباحثون أن الفائدة من العيش بالقرب من الأشجار تبلغ ذروتها عند وجود 10 أشجار.
هل هذا الوزن الإضافي القليل مهم؟
وفقاً لمؤلفي الدراسة، فقد تم تشخيص 2879 طفلاً بأنهم ولِدوا بحجم أقل من المتوقع لعمرهم، وبالرغم من أن 50 غراماً لا يبدو أنها تُحدث فرقاً كبيراً، ولكن إذا كان كل طفل في الدراسة قد اكتسب 50 غراماً إضافية عند الولادة، فكان سينخفض عدد الأطفال الذين تم تشخيصهم بحوالي 642 طفلاً ليكونوا أقل عرضة لخطر مشاكل النمو في وقت لاحق من الحياة.
هل من عوامل أخرى؟
يرتبط التوتر بزيادة احتمالية ولادة طفل قبل الأوان، وبالنتائج الصحية السيئة في وقت لاحق من الحياة، ويعتقد المؤلفون بأن الأشجار الموجودة أصلاً بالقرب من منزل المرء قد توفر فائدة أكبر من الأشجار المزروعة حديثًا، وذلك من خلال توفيرها أيضًا فوائد نفسية للأم؛ وقد أشارت دراسات أخرى إلى أن البيئات الطبيعية المتطورة تعزز ”الانبهار الناعم“، على النقيض من الخصائص المستنزفة نفسيًا للمباني والجوانب الأخرى للبيئات المبنية.
دراسات سابقة تدعم هذه النتائج
أجريت العديد من الدراسات السابقة لبحث تأثير المساحات الخضراء على الصحة، بما في ذلك دراسة نُشرت في عام 2013، ووجدت أن فقدان 100 مليون شجرة بسبب آفة حشرية تسمى حفار الرماد الزمردي تزامن مع زيادة في الوفيات الناجمة عن أمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي السفلي في المقاطعات التي فقَدت أشجارها بسبب غزو هذه الحشرات.
نصيحة من موقع صحتك
بالرغم من هذه النتائج المبشرة، فإن المؤلفين قالوا إنه ما تزال هناك حاجة إلى دراسة عشوائية مضبوطة لإثبات أن الأشجار تسبب هذه النتائج الصحية الإيجابية بشكل قاطع، ولكن الدراسة التي قاموا بها تُعد من أفضل البيانات المتاحة لدعم فكرة أن العيش بالقرب من الأشجار يحسن صحة الرضّع والصحة بشكل عام. وبالتأكيد؛ إن كنت أمام خيار أن تعيش بالقرب من مساحة خضراء أو العيش في مكان بعيد عنها، فالأفضل لك ولصحتك اختيار المساحات الخضراء.