كشفت دراسة حديثة عُرضِت في المؤتمر السنوي للكلية الأمريكية لأمراض القلب (ACC.25) في 31 آذار/مارس 2025، عن وجود علاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب. وأظهرت النتائج أن هذا الفيروس، المعروف بصلته ببعض أنواع السرطان، قد يزيد أيضًا من احتمال الإصابة بأمراض القلب وأمراض الشرايين التاجية.
فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب
قال الدكتور ستيفن أكينفنوا، المؤلف الرئيسي للدراسة: "أظهرت هذه الدراسة وجود علاقة واضحة بين فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب والأوعية الدموية. وعلى الرغم من أن الآلية البيولوجية وراء هذا الارتباط ما تزال غير معروفة، فمن المحتمل أن تكون مرتبطة بوجود التهاب مزمن. ونأمل في نهاية المطاف أن نعرف ما إذا كان تقليل انتشار فيروس الورم الحليمي البشري من خلال التطعيم يمكن أن يُساعد في تقليل احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".
ما هو فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)؟
فيروس الورَم الحليمي البشري (Human Papillomavirus - HPV) هو عدوى فيروسية شائعة تنتقل عبر الاتصال الجنسي، وقد يُسبب ظهور بُثور على الأعضاء التناسلية أو حولها تُسمّى ثآليل الأعضاء التناسلية (Genital Warts)، وكذلك الإصابة بسرطانات الأعضاء التناسلية وسرطان الشَرج وسرطان الحَلق.
توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في الولايات المتحدة بتطعيم جميع الأطفال والمراهقين بلقاح HPV للوقاية من السرطانات المرتبطة بعدوى فيروس الورم الحليمي. ومع ذلك، فإن العديد من البالغين في الولايات المتحدة لم يحصلوا على هذا اللقاح بسبب تجاوزهم السن الموصى به لتلقي اللقاح عند توفره لأول مرة في عام 2006.
دراسة العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب
حلَّل الباحثون نتائج 7 دراسات سابقة أُجرِيَت في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والبرازيل وأستراليا خلال الفترة بين عامَي 2011 و2024، لدراسة العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الشرايين التاجية وارتفاع ضغط الدم. شمَلت هذه الدراسات بيانات حوالي 250000 شخص مصاب بفيروس HPV، وتراوحت مدة المتابعة فيها بين 3 سنوات إلى 17 سنة.
تم الأخذ في الاعتبار بعض العوامل المحتمَلة التي قد تؤثّر على النتائج، بما في ذلك التدخين والإصابة بداء السكري وعوامل خطر أخرى مرتبطة بأمراض القلب، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية والتاريخ الطبي، وسلوكيات نمط الحياة، والتاريخ العائلي لأمراض القلب، واستخدام أدوية خفض ضغط الدم.
أظهرت النتائج أن المرضى المصابين بفيروس الورم الحليمي البشري كانوا أكثر عرضة بنسبة 40% للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وبمقدار الضعف للإصابة بأمراض الشرايين التاجية مقارنةً بالأشخاص غير المصابين بهذه العدوى. وبعد مراعاة بعض العوامل المؤثرة، بَقِيَ احتمال الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مرتفعًا بنسبة 33%. ولم تُظهر النتائج وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين الإصابة بفيروس الورم الحليمي وارتفاع ضغط الدم.
فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب.. علاقة تستدعي انتباه الأطباء
أشار الدكتور أكينفنوا إلى أنه ينبغي على الأطباء أن يراقبوا صحة قلب المرضى المصابين بفيروس الورم الحليمي البشري عن كثب، ومتابعتهم تمامًا كما تتم متابعة الأشخاص الذين يعانون من عوامل الخطر المعروفة لأمراض القلب.
وأضاف أنه عادةً ما يتم التركيز على عوامل الخطر المعروفة لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم، ولكن حوالي 20% من حالات أمراض القلب لا يمكن تفسيرها بهذه العوامل التقليدية، وهذا ما يُبرز أهمية اكتشاف عوامل الخطر غير التقليدية، مثل فيروس الورم الحليمي البشري، التي قد تُتيح فرصًا جديدة للتدخُّل الوقائي أو العلاجي.
كما أكد على الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لفهم قوة العلاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وأمراض القلب والآليات التي تربطهما، بالإضافة إلى دراسة الدور المحتمل للقاح الفيروس في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.