ازدادت شعبية الحميات الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات، مثل حمية الكيتو، في السنوات الأخيرة، لكن العديد من الخبراء يتساءلون عما إذا كانت التأثيرات الصحية للنظام الغذائي الأكثر تقييدًا قد يكون لها عواقب سلبية، ولهذا أجرى باحثون من جامعة تورنتو في كندا دراسة لاستكشاف العلاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون وما هو دور بكتيريا الأمعاء في ذلك. نشرت نتائج الدراسة في مجلة (Nature Microbiology) بتاريخ 3 مارس 2025.
استخدم الباحثون الفئران في دراستهم مع تناولها أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات وأنظمة غذائية عادية وغربية ووجود سلالات مختلفة من البكتيريا في أمعائها، وركزوا على ما إذا كانت هذه الأنظمة الغذائية تؤثر على بكتيريا معينة، وكيف يمكن أن يساهم ذلك في حدوث سرطان القولون والمستقيم عند الفئران. أظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون. كما تبين أن وجود نوع محدد من بكتيريا الإشريكية القولونية يتأثر سلباً بالأنظمة الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات، وتبين أن ذلك يزيد من تطور الزوائد اللحمية في القولون، والتي قد يتطور بعضها إلى سرطان القولون والمستقيم.
ما هو سرطان القولون والمستقيم؟
سرطان القولون والمستقيم أحد أكثر أنواع السرطانات التي يتم تشخيصها في الولايات المتحدة، ويصيب واحداً من كل 24 رجلاً، وواحدة من كل 26 امرأة. أظهرت البيانات الحديثة أن حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم لدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و34 عامًا قد شهدت زيادة بنسبة 71%، ولدى البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و39 عامًا، شهدت زيادة بنسبة 58% من عام 1999 إلى عام 2020.
يبلغ معدل النجاة من سرطان القولون والمستقيم لمدة 5 سنوات 64.4% وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا، وعلى الرغم من عدم وجود وسائل تضمن الوقاية من سرطان القولون والمستقيم، فإن هناك بعض الطرق التي يمكن للناس من خلالها تقليل الإصابة به، مثل:
- الإقلاع عن التدخين.
- الحد من تناول الكحوليات.
- تناول نظام غذائي غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة.
- الحد من تناول الأطعمة المصنعة واللحوم الحمراء.
ما علاقة بكتيريا الأمعاء بسرطان القولون والمستقيم؟
يشتبه الخبراء بأن الخيارات الغذائية قد تكون مرتبطة بالإصابة بسرطان القولون والمستقيم، فقد هدفت الدراسة الجديدة إلى تحديد ما إذا كانت هناك علاقة بين أنواع معينة من النظام الغذائي وأنواع معينة من البكتيريا، وركز الباحثون هنا على ثلاثة أنواع من البكتيريا زرعوها في أمعاء الفئران هي:
- بكتيريا العصوانية الهشة.
- بكتيريا الملوية الكبدية.
- بكتيريا الإشريكية القولونية.
أوضح مؤلفو الدراسة أن هذه الكائنات الحية الدقيقة تسبب تلف الحمض النووي في الخلايا الظهارية المعوية، إما بشكل مباشر من خلال إنتاج سموم جينية، أو بشكل غير مباشر من خلال تحريض وسطاء التهابات مدمِّرة للحمض النووي. لدراسة العلاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون ركزت الدراسة على الفئران التي تم إطعامها وجبات غذائية منخفضة الكربوهيدرات ومنخفضة الألياف، وأنظمة غذائية عادية من الطعام، وأنظمة غذائية على النمط الغربي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسكر.
العلاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون
بعد تغذية الفئران بأنواع الحمية الغذائية الخاصة بهم لمدة تسعة أسابيع، قام العلماء بفحص تطور السلائل، ثم قاسوا أي تطور للسلائل مرة أخرى بعد 16 أسبوعًا. من بين البكتيريا والوجبات الغذائية التي تم اختبارها، أظهر فقط المزج بين النظام الغذائي المنخفض الكربوهيدرات وبكتيريا الإشريكية القولونية إمكانية زيادة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وهذا أمر مهم لأنه، وفقًا لمؤلفي الدراسة، توجد بكتيريا الإشريكية القولونية في 60% من حالات سرطان القولون والمستقيم.
كان لدى الفئران في هذا المزيج عدد أكبر من الأورام الحميدة والأورام الخبيثة، مما قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت هذه الفئران أيضًا تلفًا في الحمض النووي وعلامات أخرى تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم. أضعف النظام الغذائي المنخفض الكربوهيدرات الطبقة المخاطية في القولون التي تحمي من الميكروبات، وسمح ذلك في الفئران المصابة بالإشريكية القولونية بوصول الكوليباكتين إلى خلايا القولون، إذ يُعد الكوليباكتين سُمًا جينيًا يتلف الحمض النووي.
قد تتجلى العلاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون بطريقة أخرى أيضاً، فقد عانت الفئران في الدراسة أيضًا من شيخوخة الخلايا التي يمكن أن تسبب تطور السرطان، وقد وجد الباحثون مستويات منخفضة من تنظيم صحة الأمعاء لدى الفئران التي تناولت حمية منخفضة الكربوهيدرات ومنخفضة الألياف مع بكتيريا الإشريكية القولونية، مما ساهم في حدوث الالتهاب. عانت الفئران التي اتبعت نظامًا غذائيًا منخفض الكربوهيدرات مع الإشريكية القولونية بشكل عام من اضطراب وتلف في ميكروبيوم الأمعاء لدرجة أن الباحثين وجدوا أنها بيئة تعزز سرطان القولون والمستقيم.
وبقدر ما كانت هذه النتائج مثيرة للقلق، فقد وجد الباحثون أن إضافة الألياف إلى النظام الغذائي لهذه الفئران قلل من احتمال تكوين الأورام وساعد في السيطرة على الالتهاب، ويرغب الباحثون في مواصلة هذا الخط البحثي من خلال تحديد ما إذا كانت أنواع معينة من الألياف أكثر وقاية ودراسة تأثيراتها على البشر على البشر.
نصيحة من موقع صحتك
تشير نتائج الدراسة هذه إلى وجود علاقة بين النظام المنخفض الكربوهيدرات وسرطان المستقيم والقولون. وقد يعني هذا أن الأنظمة الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات قد تزيد من احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عندما تقترن ببعض أنواع بكتيريا الأمعاء، مثل الإشريكية القولونية. وجد الباحثون أن الوجبات الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات والمنخفضة الألياف تُضعف الطبقة المخاطية الواقية للقولون، مما يعزز الالتهاب وتكوين السلائل. بالرغم من أن هناك حاجة للمزيد من الدراسات؛ فلا بد من اتخاذ تدابير صحية للحد من تطور سرطان المستقيم والقولون. ويوصي الخبراء باتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، مع الحد من الأطعمة المصنعة واللحوم الحمراء، وينصح دوما باستشارة الطبيب قبل إجراء أي تغييرات كبيرة في نظامك الغذائي.