العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة ثورة في علاج السرطان

يشغل العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة الوسط الطبي في الآونة الأخيرة بعد نجاح هذا العلاج في السيطرة على سرطان الدم "اللوكيميا" في حالة ميؤوس منها لدى طفل من مدينة فيلاديلفيا، وقد تحدث الدكتور ماجد الفياض، الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك الفيصل التخصصي ومركز الأبحاث، عن هذا العلاج الخلوي بشكل تفصيلي، موضحاً التقنيات والتدخلات الطبية الدقيقة فيه.

ما هو دور الخلايا التائية في حماية الجسم؟ 

تقوم خلايا الجسم بالعديد من المهام حسب نوعها، فإذا أردنا التحدث عن الخلايا المناعية فهي الخلايا البيضاء التي تقوم عادة بمحاربة الفيروسات أو البكتيريا. تقوم الخلايا التائية بمحاربة الفيروسات من خلال التعرف عليها على أنها جسم غريب، ومن ثم تقوم بمهاجمتها والانقضاض عليها. أثناء هذه العملية تحدث أمور أشبه بمعركة داخل الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم، ويشعر الإنسان بالتعب والإعياء حينها، ثم بعد ذلك تنتصر الخلايا على الفيروسات ويشفى الإنسان من المرض.

كيف بدأ علاج السرطان وما هو التطور الجديد فيه؟ 

بدأ علاج السرطان أولًا بالجراحة، إذ يتم استئصال العضو المصاب به من الجسم، ثم بعد ذلك أظهر العلاج الكيميائي نتائج جيدة لأنه يساهم في قتل الخلايا السرطانية. وبعد العلاج الكيميائي اكتُشف العلاج الإشعاعي، أما حديثاً منذ نحو 10 سنوات بدأ العمل بجد على العلاج المناعي، وأحد وسائله هو استخدام الخلايا التائية المعدَّلة والذي لاقى نجاحاً كبيراً.

ما هو العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة ؟ 

عبّر الطبيب ماجد الفياض عن الخلايا السرطانية بأنها خلايا مجنونة نظراً لانقسامها السريع غير المنضبط الناتج عن خلل جيني فيها، وإذا تم اكتشاف هذا الخلل الجيني أصبح من الممكن أخذ الخلايا التائية من دم المريض وجعلها تتعرف على هذا الخلل الجيني على أنه جسم غريب، أي كالفيروسات، على الرغم من أنها صادرة من جسم الإنسان نفسه. يتم أخذ هذه الخلايا التائية من جسم الإنسان وتعديلها جينياً بحيث يمكنها التعرف على الخلايا السرطانية كفيروس، وجعلها تتكاثر، ثم بعد ذلك إرجاعها لجسم الإنسان المريض. وبذلك لا تهاجم الخلايا السليمة بل تقوم فقط بمهاجمة الخلايا السرطانية التي تتعرف عليها كجسم غريب، وهنا تحدث المعركة المناعية داخل الجسم، فيصاب المريض بالإعياء والحرارة حتى يتم القضاء على الخلايا السرطانية وتخرج مخلفات المعركة من الجسم، يُعرف هذا العلاج باسم العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة جينياً.

اقرأ أيضاً

العلاج الكيميائي غير فعال ما حقيقة هذا الإدعاء؟

هل لاقى العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة نجاحاً كبيراً؟ 

طُبق العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة لأول مرة منذ نحو عشر سنوات في أمريكا، أما في السعودية فقد طبقت هذه الطريقة في علاج السرطان عام 2021 على طفل بلغ من العمر 11 سنة بعد أن أجريت له زراعة نخاع العظم مرتين، وأصبح بعدها لا يتجاوب مع العلاجات، بما فيها العلاج الكيميائي، إلى أن تم العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة، وكان هذا الطفل يعاني من خلل جيني قابل لتطبيق هذا العلاج عليه، وقد شفي الطفل تماماً الآن وهو بصحة جيدة (بعد 4 سنوات). وقد تم علاج حوالي 180 شخصًا بعدها، شفي منهم حوالي 65% من المرضى ممن كانوا يعانون من سرطان "ميؤوس منه".

ما هي التحديات التي تواجه العلاج المناعي بالخلايا التائية المعدلة ؟ 

صرح الدكتور ماجد الفياض أن هذا العلاج الجديد الفريد من نوعه بدأ بكثير من التحديات، أبرزها التكلفة الباهظة التي يتكبدها المريض لأخذ هذا العلاج في الخارج، والتي قدرت بنحو 7 ملايين ريال سعودي، ولكن بعد أن تم توطين هذا العلاج في السعودية، وأصبح أخذ نصف هذا العلاج هنا والنصف الثاني في أميركا ويتم تعديل الخلايا التائية في المختبر، انخفضت التكلفة لحوالي مليون و300 ألف ريال سعودي. 

ما زال هناك العديد من الأمور  التي نعمل عليها حتى يومنا هذا لجعل العلاج أسهل وأقل تكلفة، وهذا ما يعمل عليه الأطباء والمختصون بمجهود كبير على أمل شفاء المزيد والمزيد من حالات السرطان المستعصية على بقية العلاجات.