يعاني حوالي 5% من سكان العالم من الاكتئاب وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، ويُعد الاكتئاب مشكلة صحية خطيرة تؤثر على الأداء اليومي، ويمكن أن يؤثر على عمل الشخص وتعليمه، كما أنه يزيد من خطر الإصابة بحالات صحية خطيرة أخرى، بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية. لذلك من المهم دراسة طرق للحد من الاكتئاب، وهنا يأتي دور هذه الدراسة في العلاقة بين السهر والاكتئاب. تشير الدراسة التي نشرت في مجلة (PLOS One) إلى أن الأشخاص الذين يفضلون البقاء نشيطين في الليل قد يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة بالاكتئاب من الأشخاص الذين يستيقظون مبكرًا.
العلاقة بين السهر والاكتئاب
جمع الباحثون في هذه الدراسة بيانات من 546 طالبًا تتراوح أعمارهم بين 17 و28 عامًا يدرسون في جامعة (Surrey) البريطانية في استبيان عبر الإنترنت، طُلب منهم معلومات عن أنماط نومهم وتعاطي الكحوليات واليقظة الذهنية ومستويات الاكتئاب والقلق. بعد التحليل، وجَد الباحثون أن المشاركين في الدراسة ممن لديهم نمط زمني ليلي، أي ينشطون في الليل، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بشكل ملحوظ مقارنةً بأولئك الذين لديهم نمط زمني صباحي أو الذين يستيقظون مبكرًا.
يُعرف النمط الزمني للشخص بالوقت المفضل من اليوم الذي يحب أن يكون مستيقظًا أو نائمًا فيه، ويؤثر هذا على إيقاع الساعة البيولوجية الطبيعية للجسم، والخطر هنا أن نسبة كبيرة من الشباب البالغين في وقتنا هذا هم ممن يفضلون النشاط الليلي، وهذا قد يفسر سبب أن معدلات الاكتئاب بين الشباب البالغين أعلى من أي وقت مضى، ولهذا فإن الدراسة هذه عن العلاقة بين السهر والاكتئاب تعدّ مهمة للغاية.
كيف تتجلى العلاقة بين السهر والاكتئاب ؟
يعتقد الباحثون أن السبب وراء ارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب هو أن الأنماط الزمنية الليلة تعاني من سوء نوعية النوم وعادات سلبية أكثر مثل تعاطي الكحوليات، بل وأظهروا سلوكاً واعياً أقل من أصحاب الأنماط الزمنية الصباحية. يقول الباحثون إن اكتشاف الصلة بين السهر والاكتئاب تجلت بشكل كامل من خلال جوانب معينة من اليقظة الذهنية أو التصرف بوعي على وجه الخصوص، وجودة النوم، واستهلاك الكحوليات، وهذا يعني أن هذه العوامل تفسر على ما يبدو سبب زيادة أعراض الاكتئاب لدى من يفضلون السهر ليلاً.
يقول الباحثون إن الدراسة تُظهر أن الاستراتيجيات التي تشجع على زيادة اليقظة الذهنية مثل التأمل وتمارين اليقظة الذهنية وتحسين جودة النوم وتقليل استهلاك الكحوليات من شأنها أن تفيد بشكل إيجابي الصحة النفسية لهؤلاء الأفراد، وهذا أمر مهم بشكل خاص نظراً لارتفاع معدلات الاكتئاب بين الشباب في جميع أنحاء العالم. وأضافوا أنهم يخططون لإجراء المزيد من الدراسات التي تشمل الوقت الذي يقضيه الشباب أمام الشاشات واستخدام التكنولوجيا الرقمية لمعرفة كيفية تأثير هذه العوامل على النوم والصحة النفسية للشباب.
ما الرابط بين الصحة النفسية والنوم؟
تعزز الدراسة أمراً يراه الكثير من الأطباء بشكل يومي في عملهم، وهو أن النوم والصحة النفسية مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، وقد تكون قلة النوم أحد أعراض الاكتئاب وعاملاً مساهماً فيه في الوقت ذاته، وبالنسبة للشباب الذين ما تزال أدمغتهم في طور النمو، فإن النوم المتسق والجيد ضروري للتنظيم العاطفي والصحة بشكل عام، ولهذا فإنه كلما توسع العلم في كيفية تأثير النوم على مخاطر الاكتئاب، زادت القدرة على التدخل مبكرًا وبشكل أفضل لمنع حدوث اضطرابات طويلة الأمد.
أهمية الوقاية من الاكتئاب
يعد الاكتئاب سبباً رئيسياً للإعاقة في جميع أنحاء العالم، وتعد نتائج الدراسة في العلاقة بين السهر والاكتئاب مهمة للغاية لأنها قد تمثل وسيلة تسهم في الحد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، وهذا مهم، لأنه بالرغم من أن الاكتئاب مرض يمكن علاجه بفعالية، فإن الكثيرين ممن يصابون به لا يبحثون عن هذا العلاج، كما أن البعض لا يستجيبون للعلاج بشكل كافٍ.
يقول المثل المعروف: "درهم وقاية خير من قنطار علاج"، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، ولهذا يعد تحديد عوامل الخطر للإصابة بالاكتئاب التي يمكن التحكم بها، مثل النوم والنظام الغذائي والنشاط البدني، ضروريًا للوقاية من الاكتئاب قبل تطوره، أو على الأقل تحسين نتائج تلقي العلاج.
نصيحة من موقع صحتك
تُظهر الدراسة علاقة قوية بين السهر والاكتئاب، إذ قد يواجه الأشخاص الذين يسهرون ليلاً خطر الإصابة بالاكتئاب أكثر من الذين يستيقظون مبكرًا بسبب أنماط النوم المضطربة. تشير الدراسة إلى أنه لا بديل للنوم الجيد ليلاً، ويمكن الحرص على تحقيق ذلك من خلال:
- تنظيم وقت النوم بحيث يكون النوم والاستيقاظ في وقت محدد من كل يوم.
- تقليل النشاط الذي يحفز الدماغ والجسم قبل موعد النوم بقليل.
- مواءمة مواعيد النوم مع ضوء النهار الطبيعي.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
