بحثت دراسة قادها باحثون من مستشفى ماساتشوستس العام في أمريكا، ونُشرت في مجلة (Gut Microbes) أن هناك علاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم ، إذ تبين أن تناول الزبادي يمكن أن يقلل خطر الإصابة ببعض أنواع سرطان القولون والمستقيم، وقد وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا حصتين أو أكثر من الزبادي المحتوي على بكتيريا حية كل أسبوع كانوا أقل عرضة بنسبة 20% لخطر الإصابة بأورام القولون والمستقيم التي كانت إيجابية للبكتيريا الشَّقَّاء، وهي سلالة من البكتيريا الشائعة في ميكروبيوم الأمعاء. نتحدث في هذه المقالة أكثر عن تفاصيل هذه الدراسة وما يمكن أن تعنيه.
سرطان القولون والمستقيم
يُعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في جميع أنحاء العالم، فقد أفادت منظمة الصحة العالمية أنه يشكل أكثر من 10% من جميع حالات السرطان التي تم تشخيصها. يمكن أن تزيد عوامل نمط الحياة، مثل قلة الحركة والتدخين والسمنة والإفراط في تناول الكحوليات، بالإضافة إلى تناول كميات كبيرة من اللحوم المصنعة وقلة تناول الفواكه والخضراوات، من احتمال إصابة الشخص بسرطان القولون والمستقيم، بينما يرتبط تناول نظام غذائي صحي غني بالألياف، مع الإكثار من الفواكه والخضراوات الطازجة والحبوب الكاملة والكالسيوم ومنتجات الألبان بانخفاض الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.
العلاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم
يحتوي الزبادي المحتوي على بكتيريا حية على عدة سلالات من البكتيريا، وتُستخدم عادةً البكتيريا الملبّنة البلغارية والمكورة العقدية الحرارية في تخمير الحليب لتكوين الزبادي، ولكن يمكن أيضًا إضافة العديد من السلالات البكتيرية الأخرى أو البروبيوتيك. وقد أشارت الأبحاث إلى أن البروبيوتيك قد يعزز الجهاز المناعي، ويحسن صحة الأمعاء، ويقلل من خطر الإصابة بهشاشة العظام، ومرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، ويمكن أن يقلل الإصابة ببعض أنواع السرطانات.
للتحقق مما إذا كانت هناك علاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم وما إذا كان استهلاك الزبادي يؤثر على احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، استخدَم الباحثون في هذه الدراسة بيانات من دراسة صحة الممرضات التي تابعت أكثر من 100,000 ممرضة منذ عام 1976، ودراسة متابعة المهنيين الصحيين التي تابعت أكثر من 51,000 من العاملين في مجال الصحة من الذكور منذ عام 1986.
أجاب المشاركون في كلتا الدراستَين على استبيانات متكررة عن نمط الحياة والنظام الغذائي والصحة، والتي تضمنت أسئلة حول تناول الزبادي العادي والمضاف إليه نكهة، بالإضافة إلى منتجات الألبان الأخرى. وبالنسبة للأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بسرطان القولون والمستقيم، قام الباحثون بتقييم عينات الأنسجة بحثًا عن الحمض النووي للبكتيريا الشَّقَّاء.
في هذه الدراسة، أصيب 3079 شخصًا بسرطان القولون والمستقيم، ومن بين هؤلاء، تمكن الباحثون من الوصول إلى بيانات البكتيريا الشَّقَّاء لـ 1121 شخصًا، وكان 775 شخصًا من المصابين بسرطان القولون والمستقيم ليس لديهم البكتيريا الشَّقَّاء، وكان 346 شخصًا لديهم البكتيريا الشَّقَّاء.
نتائج الدراسة
بعد البحث في العلاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم تبين لدى الباحثين أنه بالرغم من أنهم لم يلاحظوا فرقًا كبيرًا بين تناول الزبادي على المدى الطويل والإصابة الإجمالية بسرطان القولون والمستقيم، فإنهم وجدوا معدلاً أقل بنسبة 20% من الإصابة بالأورام الإيجابية للبكتيريا الشَّقَّاء لدى أولئك الذين تناولوا الزبادي أكثر من غيرهم. بالرغم من أن هذه الدراسة تثبت وجود علاقة بين استهلاك الزبادي على المدى الطويل وانخفاض معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم الإيجابي للبكتيريا الشَّقَّاء، فإن هناك حاجة إلى مزيد من العمل لفهم فيما إذا كان هناك دور للبكتيريا الشَّقَّاء، وما هي الآليات المتبعة إذا كان الأمر كذلك.
كيف تتجلى العلاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم ؟
بالرغم مما أظهرته الدراسة من وجود علاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم لكنها لا تشير إلى أن الزبادي يقلل من البكتيريا الشَّقَّاء في الأمعاء، بل على العكس تماماً، وهي في الواقع تسلط الضوء على أن البكتيريا الشَّقَّاء هي سلالة بكتيرية مهمة في الزبادي تنتج الأحماض الدهنية القصيرة السلسلة في الأمعاء، ولها خصائص مضادة للسرطان من خلال التأثيرات المضادة للأكسدة والمضادة للالتهابات والمعززة للمناعة.
تشير الأبحاث إلى أن البكتيريا الشَّقَّاء الموجودة في أنسجة الأورام الإيجابية للبكتيريا الشَّقَّاء يمكن أن تعكس ضعف وظيفة الحاجز المعوي، وتظهر الدراسات المذكورة أن البكتيريا الشَّقَّاء قد تعزز الحاجز المعوي عن طريق تقليل البروتينات الالتهابية الضارة مثل عامل نخر الورم والإنترلوكين 6.
ومن هذا نستنتج أن العلاقة بين الزبادي وسرطان القولون والمستقيم ربما تكمن في أن الزبادي قد يساعد على تقوية حاجز الأمعاء ويدعم دور البكتيريا الشَّقَّاء المفيدة في كبح نمو الأورام الإيجابية للبكتيريا الشَّقَّاء بدلاً من كبح البكتيريا الشَّقَّاء نفسها. توجد أنواع فرعية مختلفة من البكتيريا الشَّقَّاء في أمعاء الإنسان، وهناك سلالات مختلفة لها وظائف مختلفة، بما في ذلك استقلاب الكربوهيدرات الغذائية، على سبيل المثال. لم تَستكشِف هذه الدراسة ما إذا كان هناك دور مسبب للميكروبيوم أو البكتيريا الشَّقَّاء أو أي آليات محتملة أخرى.
أسباب أخرى لإدراج الزبادي في نظامك الغذائي
على الرغم من أن الزبادي الطبيعي المحتوي على البكتيريا الحية يعتبر إضافة جيدة لنظام غذائي متوازن، فليس كل الزبادي مفيد للصحة، إذ غالبًا ما يحتوي الزبادي المنكّه وزبادي الفاكهة على كميات كبيرة من السكر المضاف، ومكونات أخرى مضافة غير صحية قد تلغي الفوائد المرجوة من الزبادي.
يحتوي الزبادي الطبيعي على الكثير من العناصر الغذائية، بما في ذلك الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والفيتامين أ والفيتامين ب2 والفيتامين ب12 والبروتينات والأحماض الدهنية، كما أنه مصدر جيد للبروبيوتيك، وهي كائنات حية دقيقة تمنح المزيد من الفوائد الصحية عند تناولها بكميات كافية كجزء من النظام الغذائي، وتشير الدراسات إلى أن البروبيوتيك قد يعزز الجهاز المناعي ويحسن الصحة العامة.
الأسئلة الشائعة
هل الزبادي صحي؟
يمكن أن يحتوي الزبادي على نسبة عالية من البروتينات والكالسيوم والفيتامينات والبروبيوتيك التي يمكن أن تعزز ميكروبات الأمعاء، ويمكن أن توفر هذه العناصر حماية للعظام والأسنان، وتساعد في الوقاية من مشاكل الجهاز الهضمي، وقد يكون الزبادي القليل الدسم مصدرًا مفيدًا للبروتينات في نظام غذائي لإنقاص الوزن.
هل يقلل الزبادي من خطر الإصابة بسرطان القولون؟
أظهرت دراسة جديدة من جامعة هارفارد أن الأشخاص الذين تناولوا حصتين أو أكثر من الزبادي كل أسبوع كانوا أقل عرضة لخطر الإصابة بسرطان القولون.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
