البوليفينولات هي مركّبات نشطة بيولوجيًا موجودة بشكل طبيعي في الأغذية النباتية، وتتميَّز بخصائصها المضادة للأكسدة والالتهابات. وفي ظل انتشار متلازمة التمثيل الغذائي في العالم بمعدلات وبائية، كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة ساو باولو في البرازيل أن البوليفينولات قد تقي من متلازمة التمثيل الغذائي. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة التغذية (Journal of Nutrition) في شباط/فبراير 2025.
البوليفينولات قد تقي من متلازمة التمثيل الغذائي
كشفت الدراسة أن اتّباع نظام غذائي بأغذية غنية بالبوليفينولات، مثل العنب والفراولة والبرتقال والشوكولاتة والقهوة، قد يقلل من احتمال الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي بنسبة تصل إلى 23%. متلازمة التمثيل الغذائي أو متلازمة الاستقلاب الغذائي (Metabolic syndrome) هي مجموعة من الاضطرابات الأيضية والتغيرات الهرمونية، وتُعتبر من أهم عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة.
وقالت البروفيسورة إيزابيلا بينسينور، الباحثة المشاركة في الدراسة والأستاذة الجامعية في كلية الطب بجامعة ساو باولو في البرازيل: "هذا خبر سار لمن يحبون الفواكه والشوكولاتة والقهوة، فهي غنية بالبوليفينولات. وعلى الرغم من أن هناك دراسات سابقة قد أظهرت العلاقة بين استهلاك البوليفينولات وتقليل احتمال الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، فإنها لم تشمل عينة كبيرة بهذا الحجم (6378 شخصًا) وعلى مدى هذه الفترة الزمنية الطويلة (8 سنوات)".
وأضافت: "تؤكد نتائج هذه الدراسة أن اتباع نظام غذائي غني بالبوليفينولات قد يكون استراتيجية فعّالة لتقليل احتمال الإصابة بالأمراض القلبية الاستقلابية وفي الوقاية من متلازمة التمثيل الغذائي".
ما أنواع البوليفينولات ومصادرها؟
تم تحديد أكثر من 8000 نوع من البوليفينولات (Polyphenols) في الطبيعة، أبرزها:
- الأحماض الفينولية أو أحماض الفينول (Phenolic acids): توجد في القهوة والشاي والنبيذ الأحمر.
- الفلافونويدات (Flavonoids): توجد في الفواكه والبقوليات والشوكولاتة.
- الليغنانات (Lignans): توجد في الحبوب والبرتقال.
- الستيلبينات (Stilbene): توجد في العنب الأحمر والنبيذ الأحمر.
البوليفينولات قد تقي من متلازمة التمثيل الغذائي وتحسّن صحة الأمعاء
يشهد انتشار متلازمة التمثيل الغذائي في العالم ارتفاعًا مقلقًا بمعدلات وبائية، وتُشير البيانات إلى أن نسبة المصابين بها في البرازيل قد ارتفعت من 29.6% في عام 2013 إلى 33% في عام 2022. وقالت البروفيسورة بينسينور: "نحن نخطط لإجراء المزيد من الدراسات حول دور البوليفينولات في الوقاية من الأمراض القلبية الاستقلابية، فالأدلة الحالية تُظهر أن لها خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، وقد تؤثّر بشكل إيجابي على ميكروبات الأمعاء".
شارك في هذه الدراسة 6378 شخصًا واستمرت لمدة 8 سنوات، وهي الأكبر من نوعها في العالم التي تربط بين استهلاك البوليفينولات والوقاية من مشكلات القلب والأيض. خلال هذه الفترة، أُصيب 2031 شخصًا منهم بمتلازمة التمثيل الغذائي. يتم تشخيص المرضى سريريًا بهذه المتلازمة عند وجود 3 حالات على الأقل من الحالات التالية:
- السمنة في منطقة البطن.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع نسبة السكر في الدم.
- ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية.
- ارتفاع مستويات الدهون (عُسر شحميات الدم أو الدسليبيديميا).
وبناءً على الاستبيانات التي أكملها المشاركون، أجريت معهم مقابلات مفصَّلة لمعرفة عاداتهم الغذائية ومدى استهلاكهم لبعض الأطعمة الغنية بالبوليفينولات (92 نوعًا). وتمت مراعاة الطرق المختلفة المستخدَمة لطهو الطعام وتجهيزه لقياس معدل استهلاك البوليفينولات بدقة.
أظهرت النتائج أن استهلاك البوليفينولات من مصادر غذائية مختلفة بكميات مرتفعة (469 ملغ يوميًا) ارتبط بانخفاض احتمال الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي بنسبة 23% مقارنة باستهلاكها بكميات قليلة (177 ملغ يوميًا)، كما كان استهلاك الأحماض الفينولية مرتبطًا بتقليل هذا الاحتمال بنسبة مماثلة.
أشار الباحثون إلى أن التنوع الغذائي مهم، فالبوليفينولات تعزز نمو بكتيريا الأمعاء المفيدة (البروبيوتيك)، وكلما زاد تنوع مصادر البوليفينولات في الغذاء، تحسّن تأثيرها على الميكروبات المعوية، وبالتالي على الصحة بشكل عام. كما أظهرت النتائج أن استهلاك مركّب فلافان-3-أول (flavan-3-ols) بكميات مرتفعة، وهو نوع من الفلافونويدات، كان مرتبطاً بانخفاض احتمال الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي بنسبة 20%.
البوليفينولات قد تقي من متلازمة التمثيل الغذائي وتدعم صحة القلب
كما درس الباحثون تأثير البوليفينولات على الاضطرابات القلبية الاستقلابية الأخرى المرتبطة بمتلازمة التمثيل الغذائي، مثل ارتفاع ضغط الدم ومقاوَمة الإنسولين وارتفاع الدهون الثلاثية. ووجَدوا أن تأثيرات البوليفينولات على عملية التمثيل الغذائي وأمراض القلب كانت كبيرة، فحتى مع وجود عوامل خطر الاضطرابات القلبية الاستقلابية، مثل التدخين وقلة النشاط البدني، كان المشاركون الذين استهلكوا أكبر كميات من البوليفينولات أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم أو مقاومة الإنسولين بمقدار 30 مرة، وكذلك أقل عرضة للإصابة بارتفاع الدهون الثلاثية بمقدار 17 مرة.
تابع آخر أخبار صحتك عبر Google News
