الإفراط في تناول اللحوم الحمراء وخاصة اللحوم الحمراء المصنعة مثل اللحم المقدد والسجق يتسبب بالتعرض لخطر التدهور المعرفي والخرف مقارنة بالأشخاص الذين يتناولون كمية قليلة للغاية من اللحوم الحمراء، وذلك وفقاً لدراسة نشرت في مجلة Neurology، وهي المجلة الطبية للأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب. وقد صرح دونج وانج مؤلف هذه الدراسة قائلاً: " اللحوم الحمراء تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبَعة، وقد ثبت خلال دراسات سابقة أنها تزيد من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وأمراض القلب، وكلاهما مرتبط بصحة الدماغ"، وفي هذه الدراسة وجِد أن الإفراط في تناول اللحوم الحمراء المصنعة قد تزيد من خطر التدهور المعرفي والخرف، ويمكن استبدالها ببدائل صحية أخرى مثل الأسماك والدواجن والمكسرات التي قد تقلل من الخطر على الدماغ.
الإفراط في تناول اللحوم الحمراء وصحة الدماغ
شملت الدراسة 133771 شخصاً متوسط أعمارهم 49 عاماً من غير المصابين بالخرف في بداية الدراسة، وتمت متابعتهم لمدة تصل إلى 43 عاماً، ومن بين هذه المجموعة أصيب 11173 شخصاً بالخرف، وكان المشاركون يسجلون القوائم الغذائية كل سنتَين إلى أربع سنوات مع ذِكر ما تناولوه وعدد مرات تناوله. وقد حدد الباحثون أنواع اللحوم المتورطة ومنها اللحم المقدد والهوت دوغ والنقانق والسلامي وغيرها من منتجات اللحوم المصنعة.
قام الباحثون بحساب كمية اللحوم الحمراء التي يتناولها المشاركون في المتوسط يومياً، وبعد الأخذ بعين الاعتبار عوامل الخطر الأخرى للتدهور المعرفي مثل الجنس والعمر، وجَد الباحثون أن المشاركين في المجموعة ذات الاستهلاك العالي للحوم كان لديهم احتمال أعلى بنسبة 13% للإصابة بالخرف مقارنة بالمجموعات الأخرى، وبالنسبة للحوم الحمراء غير المصنعة التي تشمل لحوم البقر والضأن والهمبرغر، قارن الباحثون بين الأشخاص الذين تناولوا في المتوسط أقل من نصف حصة من هذه اللحوم يومياً بالأشخاص الذين تناولوا حصة واحدة أو أكثر يومياً، ولم يجدوا فرقاً في الإصابة بالخرف.
نتائج الدراسة حول التدهور المعرفي
الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يؤدي إلى التدهور المعرفي، ولقياس التدهور المعرفي الذاتي قام الباحثون بفحص مجموعة مختلفة من المشاركين مكوّنة من 43966 مشاركاً بمتوسط عمر 78 عاماً. يحدث التدهور المعرفي عندما يبدأ الشخص في الإبلاغ عن مشاكل لديه في الذاكرة والتفكير، وقد تم إجراء تقييم للذاكرة ومهارات التفكير لدى المشاركين مرتَين خلال الدراسة.
وبعد الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى مثل العمر والجنس، وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا ما متوسطه 0.25 حصة أو أكثر يومياً من اللحوم الحمراء المصنّعة لديهم احتمال أعلى بنسبة 14% للإصابة بالتدهور المعرفي، ووجدوا أيضاً أن الأشخاص الذين تناولوا حصة واحدة أو أكثر من اللحوم الحمراء غير المصنعة يومياً لديهم احتمال أعلى بنسبة 16%.
ولقياس الوظيفة الإدراكية الموضوعية فحص الباحثون مجموعة مكوّنة من 17458 من الإناث بمتوسط عمر 74 عاماً. الوظيفة الإدراكية الموضوعية هي مدى جودة عمل العقل على التذكر والتفكير وحل المشكلات. خضعت هذه المجموعة للاختبار أربع مرات بالسنة، ووجدت النتائج أن تناول حصص كبيرة من اللحوم الحمراء المعالَجة مرتبط بشيخوخة الدماغ بشكل أسرع ب 1.61 سنة مع كل وجبة إضافية يومياً.
أخيراً وجد الباحثون أن استبدال حصة واحدة يومياً من اللحوم الحمراء المصنَّعة بحصة واحدة يوميًا من المكسرات والبقوليات كان مرتبطًا بانخفاض الإصابة بالخرف بنسبة 19٪، وتوفر 1.37 سنة أقل من الشيخوخة المعرفية، وارتبط إجراء نفس الاستبدال للأسماك بانخفاض احتمال الإصابة بالخرف بنسبة 28%، كما ارتبط استبدال الدجاج بانخفاض احتمال الإصابة بالخرف بنسبة 16%.
وخلص القائمون على الدراسة في النهاية إلى أن تقليل كمية اللحوم الحمراء التي يتناولها الشخص واستبدالها بمصادر البروتينات الأخرى والخيارات النباتية يمكن تضمينها في المبادئ التوجيهية الغذائية لتعزيز "الصحة المعرفية"، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لتقييم النتائج التي توصلنا إليها في مجموعات أكثر تنوعاً.