أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعات هارفارد وكوبنهاغن ومونتريال حول العلاقة بين الأنظمة الغذائية والشيخوخة الصحية أن اتباع نظام غذائي صحي في منتصف العمر، غنيّ بالأطعمة النباتية ويتضمَّن كميات قليلة إلى معتدلة من الأطعمة الحيوانية الصحية، والقليل من الأطعمة الفائقة المعالَجة، يزيد احتمال التقدُّم في العمر بشكل صحي سليم، وهو ما يُعرف بالشيخوخة الصحية. ويُقصد بالشيخوخة الصحية بلوغ سن السبعين دون الإصابة بالأمراض المزمنة الرئيسية مع الحفاظ على الصحة الإدراكية والجسدية والعقلية. نُشرت الدراسة في مجلة Nature Medicine العلمية في 25 آذار/مارس 2025.
ما الشيخوخة الصحية؟
بحسب MSD Manuals، تعني الشيخوخة الصحية تأخير حدوث التأثيرات السلبية للتقدُّم في العمر أو التخفيف منها، وتهدف إلى الحفاظ على الوظائف الجسدية والذهنية والاجتماعية لكبار السن، ووقايتهم من الأمراض وتعزيز استقلاليتهم ونشاطهم اليومي. ومع التقدم في السن، يُصبح الحفاظ على صحة جيدة تحديًا يتطلب المزيد من الجهد. ومن أبرز العادات الصحية التي تساهم في تعزيز الشيخوخة الصحية ما يلي:
- اتباع نظام غذائي متوازن.
- تجنُّب التدخين.
- تجنُّب الإفراط في استهلاك الكحوليات.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- ممارسة نشاطات ذهنية باستمرار.
دراسة العلاقة بين مختلف الأنظمة الغذائية والشيخوخة الصحية
هذه الدراسة هي من بين الدراسات الأولى التي تناولت العلاقة بين مختلف الأنظمة الغذائية في منتصف العمر والشيخوخة الصحية بشكل عام. وأوضح الدكتور فرانك هو، المؤلف المشارك في الدراسة من جامعة هارفارد، أن الدراسات السابقة ركَّزت على العلاقة بين النظام الغذائي وحدوث أمراض محددة أو متوسط العمر المتوقع، بينما ركّزت هذه الدراسة على العلاقة بين مختلف الأنظمة الغذائية والشيخوخة الصحية بشكل عام.
شملت هذه الدراسة بيانات أكثر من 105000 رجل وامرأة تتراوح أعمارهم بين 39 و69 عامًا تمت متابعتهم لمدة 30 عامًا. أكمل المشاركون استبيانات غذائية بشكل دوري، وقيم الباحثون مدى التزامهم بثمانية أنماط غذائية صحية مختلفة، وهي:
- مؤشر النظام الصحي البديل (AHEI).
- مؤشر البحر الأبيض المتوسط البديل (aMED).
- حمية داش (DASH)
- نظام MIND الغذائي، الذي يجمع بين حمية البحر الأبيض المتوسط ونظام داش الغذائي.
- النظام الغذائي النباتي الصحي (hPDI).
- مؤشر النظام الغذائي الصحي الكوكبي (PHDI).
- النمط الغذائي الالتهابي التجريبي (EDIP).
- المؤشر الغذائي التجريبي لفرط الإنسولين (EDIH).
تركِّز جميع هذه الأنظمة الغذائية على تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والدهون غير المشبعة والمكسرات والبقوليات، ويتضمَّن بعضها كميات قليلة إلى معتدلة من الأطعمة الحيوانية الصحية مثل السمك وبعض منتجات الألبان. وقيَّم الباحثون أيضًا استهلاك المشاركين للأطعمة الفائقة المعالَجة، والتي غالبًا ما تحتوي على مكوِّنات صناعية وسكريات مُضافة وصوديوم ودهون غير صحية.
الأنظمة الغذائية والشيخوخة.. كيف يؤثّر الغذاء في منتصف العمر على الصحة بعد السبعين؟
وجَد الباحثون أن 9771 شخصًا (9.3% من المشاركين) تقدَّموا في العمر بشكل صحي، وأن الالتزام بأي من الأنظمة الغذائية الصحية الثمانية مرتبط بالشيخوخة الصحية بشكل عام، بما في ذلك القدرات المعرفية والبدنية والعقلية.
وأظهرت النتائج أن نظام AHEI الذي تم تطويره للوقاية من الأمراض المزمنة هو الأكثر فاعلية في تعزيز الشيخوخة الصحية، فالأشخاص الذين التزموا به كانوا أكثر احتمالًا بنسبة 86% ليعيشوا مرحلة الشيخوخة بصحة جيدة عند بلوغهم سن السبعين، وبمقدار 2.2 مرة عند بلوغهم 75 عامًا، مقارنةً بمن كان التزامهم به ضعيفًا.
يعتمد نظام AHEI على تناول الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والمكسرات والبقوليات والدهون الصحية، وعلى تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والمعالَجة والصوديوم والحبوب المكررة والمشروبات المحلاة بالسكر.
كما كان نظام PHDI من أبرز الأنظمة الغذائية الصحية التي عزَّزت الشيخوخة الصحية، وهو نظام يُراعي صحة الإنسان والبيئة من خلال التركيز على تناول الأطعمة النباتية وتقليل تناول الأطعمة الحيوانية. وارتبط استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة الفائقة المعالَجة، خاصة اللحوم المصنَّعة والمشروبات السكرية ومشروبات الدايت التي تحتوي على محلِّيات صناعية، بانخفاض احتمالات الشيخوخة الصحية.
الأنظمة الغذائية والشيخوخة.. ما أفضل حمية لتعزيز الشيخوخة الصحية؟
أشار الباحثون إلى أن الأنماط الغذائية الغنية بالأطعمة النباتية والتي تحتوي على كميات معتدلة من الأطعمة الحيوانية قد تعزِّز الشيخوخة الصحية بشكل عام. وأكدت الدكتورة آن جولي تيسييه، الباحثة الرئيسية للدراسة من جامعة مونتريال، أنه لا يوجد نظام غذائي واحد يناسب الجميع، إذ يمكن تكييف الأنظمة الغذائية الصحية لتُناسب الاحتياجات والتفضيلات الفردية لكل شخص.