نُشر بحث حديث في مجلة (Nature Medicine) بتاريخ 3 أبريل 2025، يسلط الضوء على التأثير السريع الذي قد تُحدثه التغيرات الغذائية على الصحة المناعية والتمثيل الغذائي، إذ يؤدي التوسع الحضري وزيادة توافر الأطعمة المصنَّعة إلى تغيير الأنماط الغذائية في أفريقيا، ما يدفع الكثيرين إلى التخلي عن الأنظمة الغذائية التقليدية ويستبدلون بها أنظمة غذائية على النمط الغربي، وأدى ذلك إلى زيادة حدوث أمراض الالتهابات المزمنة، ما يعني أن الألياف قد تقي من الأمراض الالتهابية.
ما الذي قام به الباحثون؟
لاستكشاف تأثيرات التحول إلى النظام الغذائي الغربي، قام باحثون من المركز الطبي بجامعة رادبود وكلية كليمنجارو الطبية الجامعية بالتحقيق في التأثيرات الصحية على المستوى الخلوي، وتشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن أسبوعين فقط من اعتماد نظام غذائي غربي بدلًا من النظام الغذائي الأفريقي التقليدي قد يؤدي إلى زيادة الالتهابات، وضعف الاستجابات المناعية، وتعطّل مسارات التمثيل الغذائي المرتبطة ببعض الأمراض. وفي المقابل، قد يكون للتحول من نظام غذائي غربي إلى نظام غذائي أفريقي تقليدي أو تناول المشروبات المخمَّرة التقليدية فوائد مضادة للالتهابات.
وفي حين أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث، فإن هذه النتائج تدعم فكرة أن الأنظمة الغذائية التراثية النباتية إلى حد كبير -مثل الأنظمة الغذائية التقليدية الأفريقية والمتوسطية والأمريكية اللاتينية- يمكن أن تحسّن الصحة وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بنمط الحياة، وقد يعني أيضاً أن الألياف قد تقي من الأمراض الالتهابية.
نتائج الدراسة
شملت هذه التجربة العشوائية المضبوطة 77 شابًا يتمتعون بصحة جيدة، بمتوسط عمر 26 عامًا، ويقيمون في منطقة كليمنجارو في شمال تنزانيا. قيَّم الباحثون عادات الأكل الأولية من خلال ثلاث مذكرات غذائية مدّتها 24 ساعة سُجِّلت في أيام غير متتالية، مع جَمع مذكرة واحدة على وجه التحديد خلال مهرجان أو عطلة نهاية الأسبوع. أجرى الباحثون التجربة على ثلاث مجموعات:
- تم تحويل 23 رجلاً من الريف ممن يتناولون عادةً نظامًا غذائيًا تقليديًا إلى نظام غذائي غربي لمدة أسبوعين.
- تم تحويل 22 رجلًا من المدينة ممن يتناولون عادةً نظامًا غذائيًا غربياً إلى نظام غذائي تقليدي لمدة أسبوعين.
- أضاف 22 رجلاً ممن يتناولون عادةً نظاماً غذائياً غربيا مشروبًا يعرف باسم "مبيجي" إلى نظامهم الغذائي، وهو مشروب مخمّر تقليدي مصنوع من الموز والدخن تناولوه لمدة أسبوع واحد.
جعل الباحثون خمسة مشاركين في كل مجموعة من المجموعتين الأوليتين يلتزمون بنظامهم الغذائي المعتاد للتخلص من أي عوامل خارجية تؤثر على النتائج، وأُخذت عينات دم في ثلاث نقاط رئيسية، هي:
- في بداية الدراسة.
- بعد التدخل الغذائي لمدة أسبوعين، أو التدخل بالمشروب المخمَّر لمدة أسبوع واحد.
- مرة أخرى بعد 4 أسابيع من انتهاء التدخل.
كان الهدف الرئيسي هو التحقق من التغيرات في الصحة المناعية والاستقلابية للمشاركين، مع التركيز على وظيفة الجهاز المناعي وعلامات الالتهاب في الدم وعمليات الأيض المختلفة.
الألياف قد تقي من الأمراض الالتهابية
شمل التحليل النهائي للباحثين عينات عالية الجودة فقط التي استوفت معايير محددة، كما تم تعديل النتائج وفقًا لعوامل تشمل العمر ومؤشر كتلة الجسم ومستويات النشاط البدني، وأظهرت نتائجهم أن التحول من نظام غذائي أفريقي تقليدي إلى نظام غذائي غربي لمدة أسبوعين أدى إلى تعطيل مسارات التمثيل الغذائي الرئيسية المرتبطة بالأمراض التي تتعلق بنمط الحياة.
ويبدو أنه أدى أيضًا إلى تحفيز حالة محفزة للالتهابات تشمل خلايا الدم البيضاء والبروتينات الالتهابية في الدم والتغيرات في التعبير الجيني. وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت خلاياهم المناعية أقل فعالية في الاستجابة لمسببات الأمراض. وعلى العكس من ذلك، أدى الانتقال من نظام غذائي غربي إلى نظام غذائي أفريقي تقليدي معظمه نباتي، أو تناول المشروبات المخمَّرة إلى تأثيرات مضادة للالتهابات في الغالب، بما في ذلك انخفاض علامات الالتهاب، وهذا يعني أن الألياف قد تقي من الأمراض الالتهابية وأن الأطعمة المخمَّرة لها دور في ذلك أيضاً.
استمرت بعض التغيرات المناعية والاستقلابية بعد أربعة أسابيع من التدخل، مما يشير إلى أنه حتى التعديلات الغذائية القصيرة الأجل قد تكون لها بعض التأثيرات المستمرة، وقد تكون هذه الدراسة أول تحقيق شامل للتأثيرات الصحية المرتبطة بالنظام الغذائي الأفريقي التقليدي.
نصيحة من موقع صحتك
تشير هذه الدراسة إلى أن الألياف قد تقي من الأمراض الالتهابية ولهذا من الضروري اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن وغنيّ بالأطعمة المحتوية على نسب عالية من الألياف مثل الخضراوات والفواكه والبقوليات، ويبدو أن هناك تأثيرات مهمة أيضاً للأطعمة المخمَّرة.