الأسيتامينوفين يزيد خطر الإصابة بالقرحة وذلك بعكس ما يعتقده الناس بأن هذا المسكن، الذي يشاع استخدامه على نطاق واسع ولا يستلزم وصفة طبية، لا يسبب القرحة، لكن دراسة بريطانية تضع هذا الاعتقاد موضع الشك، فقد بينت السجلات التي جٌمعت بين عامي 1998 و2018 في المملكة المتحدة أنه بين حوالي 180 ألف شخص يبلغون ممن العمر 65 عاماً أو أكثر تلقوا وصفات طبية لدواء الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) معرَّضون لخطر الإصابة بالقرحة الهضمية والنزيف من القرحة، وأي نوع من أمراض الجهاز الهضمي السفلي، فقد زادت حالات نزيف الجهاز الهضمي من 20% إلى 36% مقارنة بأكثر من 400 ألف شخص لم يوصف لهم هذا الدواء.
كما أظهرت الأبحاث أن الأسيتامينوفين ارتبط أيضاً بزيادة مشكلات صحية أخرى، بما في ذلك قصور القلب وأمراض الكلى المزمنة وارتفاع ضغط الدم، لذا نظراً لفعاليته المسكنة البسيطة فإن استخدام عقار أسيتامينوفين كمسكن الخط الأول عن طريق الفم للحالات الطويلة الأمد لدى كبار السن يتطلب إعادة نظر متأنية.
الأسيتامينوفين يزيد خطر الإصابة بالقرحة
على الرغم من أن البعض يجد أن سلامة عقار أسيتامينوفين يعتبر أمراً مفروغاً منه إلى حد كبير، ويؤكد البعض بشكل قاطع أنه لن يؤدي إلى قرحة هضمية، لكن مؤلفي الدراسة لاحظوا في النتائج عكس ذلك، فقبل عَقد من الزمن استشهَد المعهد الوطني البريطاني بدراسات تشير إلى أن الأسيتامينوفين يعمل بنفس آلية الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين مع احتمال زيادة مخاطره الضارة على الجهاز الهضمي، وفي عام 2022 أَسقط المعهد رسمياً عقار الأسيتامينوفين من العلاجات الموصى بها لالتهاب المفاصل العظمي لأسباب تتعلق بالسلامة وبسبب ضعف فعاليته.
ووفقًا لجاسبريت كور، الحاصل على درجة الدكتوراه والماجستير في الصحة العامة من جامعة نوتنغهام في إنجلترا، وزملائه، فإنهم ركزوا في الدراسة على المخاطر لدى كبار السن بشكل عام، وتحديداً الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر، والذين تلقوا وصفتين على الأقل من عقار الأسيتامينوفين خلال فترة 6 أشهر دون استخدام مسكن آخر معه، كما شملت الأشخاص الذين لم يتلقوا الأسيتامينوفين قبل 12 شهرًا من أول وصفة طبية تلقوها، وقد بدأوا بمتابعة التأثيرات بعد 12 شهر من الوصفة الأولى.
نتائج الدراسة والتحذيرات
كان متوسط عمر المشاركين في التجربة 75 عاماً، وكان أكثر من 60% منهم من النساء، وقد شدد الباحثون على أن مخاطر القرحات الهضمية تتزايد مع تزايد عدد الوصفات الطبية لهذا الدواء. فعلى سبيل المثال؛ وصلت نسبة الخطر لدى المرضى الذين تلقوا تسع أو أكثر من وصفات الأسيتامينوفين إلى 1.39 للقرحة الهضمية و 1.44 لنزيف القرحة الهضمية مقارنة بالأشخاص الذين لا يستخدمون الأسيتامينوفين.
وعلى الرغم من أن بيانات الدراسة لم تتمكن بشكل واضح من تحديد آلية بيولوجية لتفسير هذه المخاطر؛ فإن كور وزملاءه قدّموا بعض التكهنات، والتكهن الأول كان هو أن تناول الأسيتامينوفين لفترة طويلة قد يمنع إفراز مستقلبات البروستاسيكلين في البشر، مما يسبب أمراض الجهاز الهضمي والنزيف. وفيما يتعلق بتأثير الدواء السلبي على الكلى فقد استشهد الباحثون بدراسات سابقة تشير إلى أن الدواء يمكن أن يسبب نخراً أنبوبياً حاداً عند استخدامه على المدى الطويل.
ويجب التنويه إلى أن الأسيتامينوفين لا يستلزم وصفة طبية لصرفه، وأنه يُصرف للمرضى الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر بشكل مجاني في حال تم وصفه رسمياً، وفي هذه الدراسة لم يتم تتبع استخدام العقار بعد فترة الستة أشهر الأولى من الدراسة، وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتأكيد أن الأسيتامينوفين يزيد من خطر الإصابة بالقرحة الهضمية، وفهم التغييرات البيولوجية التي يُحدثها على الجهاز الهضمي وينتج عنها هذا التأثير السلبي.