أصبح انتشار المعلومات الصحية في عصر الإنترنت سريعًا، ولكن ترافق مع هذه السرعة انتشار المعلومات الطبية المضللة فبينما يسعى كثيرون للحصول على نصائح صحية موثوقة، تظهر شخصيات تُروِّج لادعاءات غير مثبتة علميًا تحت غطاء النصائح الصحية البديلة. من هذه الشخصيات تبرز باربرا أونيل التي أثارت جدلًا واسعًا بادعاءاتها المثيرة والمضللة التي تفتقر إلى أي دليل علمي. وزاد الأمر تعقيدًا مع ظهور مقاطع فيديو معدَّلة بالذكاء الاصطناعي تحمل اسمها وصورتها، مما جعلها أداة جديدة للاحتيال الرقمي ونشر المعلومات الزائفة. وفي مقالة خاصة لموقع مسبار الذي يفحص الحقيقة ويكشف الكذب في الفضاء العموميّن فنّد الموقع هذه الإدعاءات وأضح الحقائق المرتبطة بالمواضيع التي قامت بنشرها.
باربرا أونيل ساهمَت في نشر المعلومات الطبية المضللة.. احذروا نصائحها الخطيرة
تدَّعي الأسترالية باربرا أونيل بأنها طبيبة طب بديل وأخصائية تغذية على الرغم من عدم امتلاكها أي مؤهلات أو شهادات علمية، واشتهرت بترويجها للطب البديل والممارسات غير المدعومة بأدلة علمية. مُنعت أونيل من تقديم النصائح الصحية بعد تحقيق أجرته لجنة شكاوى الرعاية الصحية في نيو ساوث ويلز في أستراليا، والذي كشف عن ممارساتها غير المسجَّلة وخطرها على الصحة العامة. ومن المعلومات الطبية المضللة التي كانت تروّج لها نذكر الآتي:
ادّعاء علاج السرطان بصودا الخبز
زعمت أونيل أن السرطان هو مجرد فطريات يمكن علاجها بصودا الخبز، وأن العلاج الكيميائي ليس ضروريًا. هذه الادعاءات لا تستند إلى أي أساس علمي، فالسرطان ينشأ نتيجة طفرات جينية تؤدي إلى نمو غير طبيعي للخلايا، ولا علاقة له بالفطريات. كما أن الجسم ينظّم مستوى الحموضة فيه بدقة ولا يمكن تغييرها بسهولة من خلال تناول مواد قلَوية مثل صودا الخبز.
وتجدر الإشارة إلى أن البيئة الحمضية الموجودة في الأورام هي نتيجة نشاط الخلايا السرطانية، وليست سببًا لحدوث السرطان نفسه. إضافة إلى ذلك، فإن الإفراط في تناول بيكربونات الصوديوم قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، منها اضطرابات في المعدة وخلل في توازن الكهارل (الإلكتروليتات) في الجسم.
أما علاجات السرطان المثبتة علميًا فتشمل: الجراحة، والعلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي، والعلاجات المناعية، والعلاجات الهرمونية، وجميعها تستند إلى أبحاث وتجارب علمية دقيقة. وفي هذا السياق، تحذر منظمات صحية، مثل جمعية السرطان الأمريكية ومنظمة الصحة العالمية، من اللجوء إلى علاجات بديلة غير مثبتة علميًا، لما قد تسببه من مخاطر مثل تأخير العلاج الفعلي وتفاقم الحالات الصحية.
ادّعاء علاج الأورام بزيت الخَروَع
روَّجت أونيل أيضًا لاستخدام زيت الخروع لتفتيت الأورام والتكيُّسات. يُستخدم زيت الخروع تقليديًا لترطيب البشرة وعلاج مشكلات بسيطة مثل الإمساك، لكنه لا يعالج السرطان. وأكد الدكتور غابرييل لوبيز، مدير مركز الطب التكاملي في مركز إم دي أندرسون بأمريكا أن زيت الخروَع لا يلعب أي دور في علاج السرطان، سواء تم استخدامه عن طريق الفم أو موضعيًا.
ادّعاء أن أدوية الكوليسترول تضر الدماغ
زعمت أونيل أيضًا أن الأدوية الخافضة للكوليسترول (الستاتينات) تؤدي إلى تلف الدماغ والخرَف وسرطان الثدي، وهو ادعاء غير مدعوم بأي دليل علمي. تعمل هذه الأدوية على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل فعّال، وقد أظهرت الدراسات أنها آمنة ولا تسبب فقدان الذاكرة أو الخرَف، بل إن استخدامها على المدى الطويل قد يسهم في تحسين صحة الدماغ من خلال تقليل خطر الإصابة بالسكتات الدماغية. كما تشير دراسات حديثة إلى أن التوقف عن تناول الستاتينات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بمعدل يصل إلى 5 أضعاف، ما يؤدي إلى زيادة احتمالية الوفاة المبكرة.
باربرا أونيل هي مثال بارز على ظاهرة تقديم المعلومات الطبية المضللة التي لا أساس علمي لها، وشهرتها لم تقتصر على انتشار أفكارها المضللة فحسب، بل نمت حولها شبكة اقتصادية تستغل اسمها ومحتواها لتحقيق مكاسب مالية. من المهم أن يكون لدينا الوعي الكافي للتمييز بين النصائح والمعلومات الصحية المدعومة بالأدلة الطبية، والنصائح الزائفة، وأن نحرص على استشارة المتخصصين ومواقع الانترنت المعتمدة للحصول على المعلومات الصحية الصحيحة.